المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

أبو حامد الغزالي ت. 505 هجري
10

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

محقق

بسام عبد الوهاب الجابي

الناشر

الجفان والجابي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ - ١٩٨٧

مكان النشر

قبرص

وَالْآخر أَن يُبدل الذَّات بماهية الذَّات فَيُقَال مَفْهُوم الِاسْم قد يكون حَقِيقَة الذَّات وماهيتها وَقد يكون غير الْحَقِيقَة وَأما قَوْله إِن الْخَالِق هُوَ غير الْمُسَمّى إِن أَرَادَ بِهِ لفظ الْخَالِق فاللفظ أبدا هُوَ غير مَدْلُول اللَّفْظ وَإِن أَرَادَ بِهِ أَن مَفْهُوم اللَّفْظ غير الْمُسَمّى فَهُوَ محَال لِأَن الْخَالِق اسْم وكل اسْم مَفْهُومه مُسَمَّاهُ فَإِن لم يفهم الْمُسَمّى مِنْهُ فَلَيْسَ اسْما لَهُ والخالق لَيْسَ اسْما لِلْخلقِ وَإِن كَانَ الْخلق دَاخِلا فِيهِ وَالْكَاتِب لَيْسَ اسْما للكتابة وَلَا الْمُسَمّى اسْما للتسمية بل الْخَالِق اسْم ذَات من حَيْثُ يصدر عَنهُ الْخلق فالمفهوم من الْخَالِق هُوَ الذَّات أَيْضا لَكِن لَا حَقِيقَة الذَّات فَقَط بل الْمَفْهُوم هُوَ الذَّات من حَيْثُ لَهُ صفة إضافية كَمَا إِذا قُلْنَا أَب لم يكن الْمَفْهُوم مِنْهُ ذَات الْأَب بل الْمَفْهُوم ذَات الْأَب من حَيْثُ إِضَافَته إِلَى الابْن والأوصاف تَنْقَسِم إِلَى إضافية وَغير إضافية والموصوف بجميعها الذوات فَإِن قَالَ قَائِل الْخَالِق وصف وكل وصف فَهُوَ إِثْبَات وَلَيْسَ فِي مَضْمُون هَذَا اللَّفْظ إِثْبَات سوى الْخلق والخلق غير الْخَالِق وَلَيْسَ للخالق وصف حَقِيقِيّ من الْخلق فَلذَلِك قيل إِنَّه يرجع إِلَى غير الْمُسَمّى فَنَقُول قَول الْقَائِل الِاسْم يفهم غير الْمُسَمّى منتاقض كَقَوْل الْقَائِل الدَّلِيل يعرف غير الْمَدْلُول فَإِن الْمُسَمّى عبارَة عَن مَفْهُوم الِاسْم فَكيف يكون الْمَفْهُوم غير الْمُسَمّى والمسمى غير الْمَفْهُوم وَأما قَوْله إِن الْخَالِق لَا وصف لَهُ من الْخلق وَالْكَاتِب لَا وصف لَهُ من الْكِتَابَة فَلَيْسَ كَذَلِك وَالدَّلِيل على أَن لَهُ وَصفا مِنْهُ أَنه يُوصف بِهِ مرّة وينفى عَنهُ أُخْرَى وَالْإِضَافَة وصف للمضاف يَنْفِي وَيثبت كالبياض الَّذِي لَيْسَ بمضاف فَمن عرف زيدا وبكرا ثمَّ عرف أَن زيدا أَب لبكر فقد عرف شَيْئا لَا محَالة وَهَذَا الشَّيْء إِمَّا وصف أَو مَوْصُوف وَلَيْسَ هُوَ ذَات الْمَوْصُوف بل هُوَ وصف وَلَيْسَ وَصفا قَائِما بِنَفسِهِ بل هُوَ وصف لزيد فالإضافات من قبيل

1 / 33