أنه ينعدم في الخارج ، وإذا حصل في العقل وتصور العقل العدم الخارجي ، كان العدم الخارجي قائما به في العقل ، وأما في الخارج فليس هناك شيء وقبول عدم. وإن كان يمكن دفع هذا النظر بأن الشيء لا يمكن أن يقبل فساد نفسه لأن القابل للشيء يجب أن يكون قابلا لما هو متعلق القوام به ، وفساد نفسه مباين له ، فلا يمكن أن يقبله. نعم يمكن أن يكون شيء قابلا لفساد غيره عنه. وسيأتي تحقيق ذلك كله إن شاء الله تعالى.
وإذا تمسك في الدليل بتينك المقدمتين جميعا ، أي أن قوة الفساد وفعلية البقاء لأمرين مختلفين وأن قوة الفساد وفعلية البقاء تستلزمان قوة البقاء أيضا ، وأن قوة البقاء وفعليته لأمرين مختلفين ، فيلزم التركيب ، وأن لا يكون موضوعاهما أمرا واحدا كما تمسك الشيخ بهما ،
تم البيان من غير ورود هذا الإيراد عليه ، حتى يحتاج إلى الجواب عنه بما ذكرنا ، وبالجملة فكلامه في الشفاء في ذلك لا غبار عليه.
وأما كلامه في الإشارات في ذلك حيث قال : «ولأنه أصل فلن يكون مركبا من قوة قابلة للفساد ، ومقارنة لقوة الثبات» (1)، فكأنه مجمل في ذلك ، حيث لم يتعرض لذكر فعلية الثبات ومغايرة قوة الثبات لها ، وقد عرفت أن إتمام الدليل يتوقف عليه ، إلا أنه يمكن حمله على ما في الشفاء بأن يقال : معناه : فلن يكون مركبا من ذلك ، لأن قوة الفساد مع فعلية الثبات تستلزمان قوة الثبات ، وأن قوة الثبات وفعليته متغايرتان ، وتستلزمان محلين متغايرين مختلفين والتركيب.
وأما المحقق الطوسي رحمه الله في شرحه للإشارات فكأنه نظر إلى ظاهر كلام الشيخ فقرر دليله ، وتمسك فيه بالمقدمة الاولى فقط ، أي أن قوة الفساد غير فعلية البقاء ، حيث قال : «كل موجود يبقى زمانا ويكون من شأنه أن يفسد ، كان قبل الفساد باقيا بالفعل وفاسدا بالقوة ، وفعل البقاء غير قوة الفساد ، وإلا لكان كل باق ممكن الفساد ، وكل ممكن الفساد باقيا ، فإذن هما لأمرين مختلفين ، والأصل لا يمكن أن يكون مشتملا على مختلفين إلى آخره ». (2)
صفحة ١٧٨