المنهج القويم في اختصار «اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية»

محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن يعلى، أبو عبد الله، بدر الدين البعلي (المتوفى: 778هـ) ت. 778 هجري
44

المنهج القويم في اختصار «اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية»

محقق

علي بن محمد العمران

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

فأما في زمان مطلق فلا جاهلية بعد مبعثه ﷺ، فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين (^١) على الحقِّ إلى قيام الساعة. والجاهلية المقيَّدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين وفي كثير من الأشخاص المسلمين. كما قال: "أربعٌ في أُمَّتي مِنْ أَمْرِ الجاهِلية" (^٢)، وقال لأبي ذرٍّ: "إنَّك امرؤٌ فيك جاهلية" (^٣) . فالرجلُ مع فضله وعلمه قد يكون فيه بعض الخِصال المسمَّاة: بجاهلية ويهودية ونصرانية، ولا يوجب ذلك كفره ولا فِسْقه. وكذا قوله: "خَصْلَتان هما بهم كُفْر ... " (^٤)، فنفس الخصلتين كُفْر حيث كانتا من أعمال الكفَّار، وهما قائمتان بالناس، وليس كلُّ من قام به شُعْبة من شعب الكفر يصير كافرًا الكفر المطلق، كما أنه ليس كلُّ من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير مؤمنًا، حتى يقوم به أصلُ الإيمان. وفَرْقٌ بين الكفر المعرَّف باللام وبين المنكَّر، في الإثبات، وفَرْقٌ بين معنى الاسم المطلق إذا قيل: كافر، أو مؤمن، وبَيْن المعنى المطلق للاسم في جميع موارده، كما قال: "لا تَرْجِعُوا بعدِي كفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكم رِقَابَ بعضٍ" (^٥)، فقوله: "يضرب بعضكم رقابَ بعض" هو تفسير لقوله: ["كفارًا"، وهؤلاء] (^٦) يُسَمّون كُفَّارًا تسميةً مُقيَّدة، ولا

(^١) بالأصل: "ظاهرون"، والتصويب من "الاقتضاء". (^٢) تقدم ص/ ٤٤. (^٣) تقدم ص/ ٤٥ (^٤) أخرجه مسلم رقم (٦٧) من حديث أبي هريرة ﵁. (^٥) أخرجه البخاري رقم (١٢١)، ومسلم رقم (٦٥) من حديث جرير البجلي ﵁. (^٦) لم يظهر في الأصل، والإكمال بنحوه من "الاقتضاء": (١/ ٢٣٨).

1 / 48