328

المنهج المسلوك في سياسة الملوك

محقق

علي عبد الله الموسى

الناشر

مكتبة المنار

مكان النشر

الزرقاء

ثمَّ إِن اغتام الْفرس جعلُوا يعاملون أهل الْهِنْد بالقسوة والفظاظة ويعبثون بهم ويسخرون مِنْهُم فبدت الشحناء فِي النُّفُوس وَرَأى أهل الْهِنْد خراج بِلَادهمْ يحمل وَيصرف إِلَى غَيرهم وَقد دخلُوا تَحت حكم الْأَعَاجِم فداخلتهم الْغيرَة وَالْحمية فعرفوا فضل مَا كَانُوا فِيهِ ومشقة مَا صَارُوا إِلَيْهِ فبسطوا ألسنتهم بالتسخط وَتوقف الْمَرْزُبَان عَن ردعهم لِئَلَّا يوحشهم فَكَانَ أَمرهم إِلَى زِيَادَة وَأما الأركن فَإِن وزرائه أشاروا عَلَيْهِ بِالصبرِ وكف الْأَذَى وَبسط الْعدْل وَالْإِحْسَان وبذل المَال والصفح عَن المجرم وتألف المستوحش فَكَانَت سمعته تزداد حسنا والنفوس إِلَيْهِ ميلًا والألسنة لَهُ شكرا والمرزبان بعكس ذَلِك وَاتفقَ أَن غُلَاما من عُمَّال الْمَرْزُبَان على بعض الثغور أَسَاءَ السِّيرَة فَقَامَ إِلَيْهِ ناسك من نساك الْهِنْد يعظه فَغَضب عَلَيْهِ وَأمر بقتْله فثار أهل الْبَلَد على الْعَامِل فَقَتَلُوهُ فَبلغ الْخَبَر إِلَى الْمَرْزُبَان فَجَاءَهُ بجُنُوده فانحاز أهل تِلْكَ النَّاحِيَة إِلَى حصن الأركن ثمَّ ثارت الهنود فِي الْبِلَاد وَسَار الْمَرْزُبَان رَاجعا إِلَى بِلَاده لما قَامَت الرّعية وَخرج من تِلْكَ المملكة وَعَاد الأركن إِلَى دَار ملكه فَجرى على سنَن الْعدْل قامعا للشهوات باذلا للراحات مُسْتَعْملا مَا أفادته التجارب من الأداب حَتَّى بلغ أَجله

1 / 504