الفصل الثالث: في ذكر الاتباع وترك الابتداع
اعلم أن الدين مبني على أصلين: على الشرع المنقول، وعلى قضيات العقول١، فالنقل والعقل أصلان يتصلان مرة وينفصلان أخرى.
اعلم أن العقل لا يهتدي إلا بالشرع، والشرع لا يتبيَّن إلا بالعقل، وذلك أن الإنسان لا يدخل تحت خطاب الشرع إلا بوجود العقل فيه، قال النبي ﷺ: رفع القلم عن [ثلاثة] ٢، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق ٣. وقال النبي ﷺ: "قسم الله العقل ثلاثة أجزاء، فمن كن فيه كمل عقله، ومن لم يكنَّ فيه فلا عقل له، حسن المعرفة
_________
١ العقل يقع بالاستعمال على أربعة معان: الغريزة المدركة، والعلوم الضرورية، والعلوم النظرية، والعمل بمقتضى العلم.
(ر: إحياء علوم الدين ١/٨٥،٨٦ لأبي حامد الغزالي، ومجموع فتاوى ابن تيمية ٩/٢٨٧،٣٠٥،١٦/٣٣٦، ودرء تعارض العقل والنقل ١/٨٩، منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد ١/١٥٨-١٦ عثمان بن علي) .
٢ في ص (ثلاث) والتصويب من نص الحديث.
٣ أخرجه أحمد١/١١٦، ١١٨، ١٤٠، وأبو داود (ح ٤٣٩٩، ٤٤٠٠، ٤٤٠١، ٤٤٠٢، ٤٤٠٣)، والترمذي (ح١٤٢٣)، والحاكم٢/٥٩، ٤/٣٨٩ عن علي ﵁ بلفظ مقارب. قال الترمذي: حديث حسن غريب، وصححه الحاكم.
وأخرجه أحمد ٦/١٠٠، وأبو داود (ح٤٣٩٨) . عن عائشة ﵂.
قال الألباني: حديث صحيح روي عن جماعة من الصحابة. (ر: إرواء الغليل ٢/٤،٥) .
1 / 91