وهم: المتبعون الكتاب والسنة والمتمسكون بآثار سلفهم الذين أمروا بالاقتداء بهم، كما أمر الله تعالى رسوله ﷺ بالاقتداء بمن تقدّمه من الأنبياء والمرسلين فقال] ٩٦/ب [تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه﴾ ١، وقال في حق هذه الأمة: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾ ٢.
فعلامة المُتَّبِعين أن يعرفوا علم التفسير وعلم الحديث وعلم التّفقه عليهما، وعلم الوعد والوعيد للتقوى والورع، وعلم السِّير والمبتدأ للاعتبار، سمعوا العلم من الثقات والعدول، وقرءوا على الأئمة المعروفين بالسنة، ورووا عن الشيوخ الموسومين بالتقوى، ونقلوا من الكتب الصحيحة والأصول المعروفة المشهورة، إذ لا يجوز الاعتماد على كل كتاب ولا الرواية عن كل أحد، فقد وضعت الملاحدة٣ والزنادقة٤
_________
١ سورة الأنعام/٩٠.
٢ سورة التوبة/١٠٠.
٣ المُلحد لغةً: المائل عن الحق، ويطلق على من أنكر الخالق ﷿ والنبوة والدين والبعث، ويُسمَّى أيضًا بالدهري والمادي والشيوعي والوجودي، ويطلق الإلحاد أيضا على الشرك بالله.
(ر: القاموس المحيط ص٤٠٤، المفردات ص٤٤٨، الفصل ١/٤٧ لابن حزم، الملل والنحل ٢/٣،٢٣٥ للشهرستاني، ذيل الملل والنحل ص٩٢ محمد سيد كيلاني) .
٤ قال الإمام ابن تيمية: فلفظ الزندقة لا يوجد في كلام النبي ﷺ، كما لا يوجد في القرآن وهو لفظ أعجمي معرّب، أخذ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام وعرِّب. وقد تكلم به السلف والأئمة في توبة الزنديق ونحو ذلك.
فأما الزنديق الذي تكلم الفقهاء في قبول توبته في الظاهر، فالمراد عندهم المنافق: الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وإن كان مع ذلك يصلي ويصوم ويحج ويقرأ القرآن، وسواء كان في باطنه يهوديًا أو نصرانيًا أو مشركًا أو وثنيًا، وسواء كان معطلًا للصانع وللنبوة، أو للنبوة فقط، أو لنبوة نبينا محمد ﷺ فقط، فهذا زنديق، وهو منافق، وما في القرآن والسنة من ذكر المنافقين يتناول مثل هذا بإجماع المسلمين. ا. هـ. (ر: بغية المرتاد ص٣٣٨ لابن تيمية، القاموس المحيط ص١١٥١) .
فعلى هذا يمكن التفريق بين الملحد والزنديق، بأن الملحد من أظهر كفره وإلحاده، والزنديق من أبطن كفره وأظهر الإسلام.
1 / 86