لا أنه يدخل في قوله ﷺ: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً" المحدثون بأسرهم، بل لا يدخل في ظاهر هذا الخطاب، إلا من أدّى صحيح حديث رسول الله ﷺ دون سقيمه، وإني خائف على من روى ما سمع من الصحيح والسقيم أن يدخل في جملة الكذبة على رسول الله ﷺ إذأ كان عالمًا بما يروي، وتعيين [تمييز] العدول من المحدثين والضعفاء والمتروكين بحكم المبين عن الله ﵎.
ذكر الخبر الدال على صحة ما ذهبنا إليه
حدثنا عمران بن موسى بن مجاشع، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله ﷺ: "مَن حَدَّثَ عَنِّي حدِيثًا وَهُوَ يُرَى أنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحدُ الكاذبَيْنِ" (١).
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه
حدثنا عبد الله بن محمد المديني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال. حدثنا شعبه، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت ميمون بن أبي شبيب، يحدث عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله ﷺ قال: "مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ" (٢).
قال أبو حاتم: في هذا الخبر دليل على صحة ما ذكرنا أن المحدث إذا روى ما لم يصح عن النبي ﷺ مما تُقُوِّلَ عليه، وهو يعلم ذلك يكون كأحد الكاذبين، على أن ظاهر الخبر ما هو أشد، وذاك أنه قال ﷺ: "مَنْ
_________
(١) رواه مسلم في مقدمة صحيحه (١/ ٩) وأحمد (٥/ ١٤) والمصنف في صحيحه (٢٩) والطحاوي في المشكل (٤٢٢) وغيرهم.
(٢) رواه مسلم في المقدمة (١/ ٩) والترمذي (٢٦٦٢) وابن ماجه (٤١) والطحاوي في المشكل (٤٢٣ - ٤٢٦) وغيرهم.
1 / 16