وقال النووي ﵀ في شرح مسلم: قال الشافعي ﵀ في الأم: رأيت الأئمة بمكة يأمرون بهدم ما يبنى، ويؤيد الهدم قوله: ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته.. وقال الأذرعي ﵀ في (قوت المحتاج) ثبت في صحيح مسلم النهى عن التجصيص والبناء وفي الترمذي وغيره: النهى عن الكتابة. وقال القاضي ابن كج: ولا يجوز أن يبنى عليها قباب ولا غيرها، والوصية عليها باطلة.
قال الأذرعي: ولا يبعد الجزم بالتحريم في ملكه وغيره من غير حاجة على من علم النهى، بل هو القياس الحق، والوجه في البناء على القبور المباهاة والمضاهاة للجبابرة والكفار، والتحريم ثبت بدون ذلك. وأما بطلان الوصية ببناء القباب وغيرها من الأبنية العظيمة، وانفاق الأموال الكثيرة عليه فلا ريب في تحريمه. والعجب كل العجب ممن يلزم ذلك الورثة من حكام العصر ويعمل بالوصية بذلك! انتهى كلام الأذرعي ﵀.
ومن جمع سنة رسول الله ﷺ في القبور، وما أمر به، وما نهى عنه، وما كان عليه أصحابه، وبين ما أنتم عليه من فعلكم مع قبر أبي طالب والمحجوب وغيرهما وجد أحدهما مضادًا للأخر، مناقضًا له بحيث لا جتمعان أبدًا. فنهى رسول الله ﷺ عن البناء على القبور كما تقدم ذكره، وأنتم تبنون عليها القباب العظيمة، والذي رأيته في (المعلاة) أكثر من عشرين قبة، ونهى رسول الله ﷺ أن يزاد عليها غير ترابها وأنتم تزيدون عليها غير التراب والتابوت الذي عليه ولباس الجوخ، ومن فوق ذلك القبة العظيمة المبنية بالأحجار والجص.
وقد روى أبو داود من حديث جابر: أن رسول الله ﷺ نهى أن يجصص القبر، أو يكتب عليه، أو يزاد عليه، ونهى رسول الله ﷺ عن الكتابة عليها كما تقدم في صحيح مسلم.
وقال أبو عيسى الترمذي (باب ما جاء في تجصيص القبور والكتابة عليها) حدثنا عبد الرحمن بن الأسود حدثنا محمد بن ربيعة عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر قال: نهى رسول الله ﷺ أن نجصص القبور وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ. هذا حديث حسن صحيح وهذه القبور عندكم مكتوب عليها القرآن والأشعار.
وقال أبو داود (باب البناء على القبور) حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني ابن جريج قال حدثني أبو النبير أنه سمع جابرا يقول: سمعت النبي ﷺ "نهى أن يعقد على القبر، وأن يجصص وأن يبنى عليها" انتهى.
ولعن رسول الله ﷺ من أسرجها والذي رأيته ليلة دخولنا مكة شرفها الله في المقبرة أكثر من مئة قنديل، هذا مع علمكم أن رسول الله صلى الله عليه
1 / 36