وقال تبارك وتعالى: ?فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون?[الأعراف: 169].
ومن قرأ القرآن فزعم أن الله تبارك وتعالى يغفر له أو لأحد من أهل القبلة كبيرة من الموجبات أتاها بغير توبة، وأن الله تبارك وتعالى يدخله الجنة بغير عمل يرضى به الله تبارك وتعالى، فقد افترى على الله تبارك وتعالى وقال غير الحق، وشك في قول الله تبارك وتعالى، واعتلج الحق والباطل في قلبه، فلم يدر أيهما يتبع، فهو في لبس من دينه يتردد [في] ضلالة.
وإن أهل البدع والباطل سيقولون لك إذا خاصمتهم: أتشهد على نفسك بأنك مؤمن؟ - يريدون بذلك عيبك -. فإذا سألوك، فقل: نعم.
فإنهم سيقولون لك: إنك قد شهدت على نفسك أنك من أهل الجنة، وأنك تقول: إن الله تبارك وتعالى لا يدخل مؤمنا النار.
فإذا سألوك عن نفسك، فقل: أنا مؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين والكتاب، وأنا مستكمل الإيمان بالقول والصفة.
والإيمان حقيقته: العمل، فمن لم يتم الإيمان بالعمل بطل قوله وصفته، وكان من أهل النار.
فإنهم سيسألونك عن نفسك، فقل: هو أعلم بمن اتقى. وأنا أحد رجلين: إما أن أكون أعمل فيما بيني وبين ربي بالخيرات، فما كنت لأحدثكم بعملي، وإما أن أكون رجلا مذنبا فيما بيني وبين ربي، فما كنت لأهتك ستر الله تبارك وتعالى علي، ولكن سلوني عن غيري ممن هو مستكمل الإيمان بالقول والصفة والعمل الصالح، فأشهد لكم أنه من أهل الجنة. ولكن سأرد عليكم قولكم فتضيق عليكم الأرض بما رحبت ولا يكون لكم بد من الجحود.
صفحة ٤٩