فسلهم عن رجل نهى عن الفساد فلما نهاه غيره عن الفساد أخذته العزة بالإثم فقاتله فشرى هذا نفسه فقاتله، فأيهما البار وأيهما الفاجر؟ فإن الله تبارك وتعالى قال: ?إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم?[الانفطار: 13 - 14].
فإن قالوا إن هذا حين قال له: اتق الله أخذته العزة بالإثم كان مشركا، فقد كذبوا، لأن المؤمنين لا يعجبون من قول المشركين، قد قال الله تبارك وتعالى: ?الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب?[الرعد: 28]، وإنما اطمئنان المؤمن إلى من ذكر الله تبارك وتعالى وخدعه بتلاوته للقرآن.
فسلهم عن هذا الذي أخذته العزة بالإثم، أسلم هو لله أم حرب؟ قال الله تعالى: ?إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم?[المائدة: 33].
فسلهم عن رجل من أهل القبلة قطع الطريق على المسلمين فقتل وأخذ المال، فظهر المسلمون عليه فصلبوه، أيشهدون أن صلبهم له خزي في الدنيا؟ فإن قالوا: نعم. فقل: أفتشهدون أن له في الآخرة عذاب عظيم؟ فإن قالوا: لا ندري. فإنما آمنوا بأول الآية وكفروا بآخرها. فإن قالوا: لا ندري - يعني أخزي هو أولا خزي - شكوا فيما أنزل الله تبارك وتعالى.
وقد أنزل تعالى في كتابه في فاتحة الكتاب:?إهدنا الصراط المستقيم?[الفاتحة:6].
فسلهم عن الصراط المستقيم، هو الدين المستقيم، أم لا؟ فإنهم سيقولون هو الدين المستقيم.
صفحة ٤٠