--- وما التبس عليك من هذه الأشياء, أو على صاحب جهتك الذي هو القاضي والعالم, رفعتم حكم ذلك إلى إمامكم، ليحكم فيه بحكم الله, ويأمركم فيه بما أوجب الله تعالى، فإن الله تعالى لم يترك حكما يجب علينا, أو يدخل تحت تكليفنا, إلا وقد دل عليه. ومع ذلك عند وصول الجهات تأمر لمن يصلح للقضاء في الجهات, ممن قد صار في يده منا ولاية ذلك، فتثبت أمره, وتشد أزره, وتعرفه أنك معرف لأحكامه, وقائم معه على ما حكم به وأنفذه, لتجري أمور الدين بالاستقامة في بلدك, وتأمره أن يولي الأوقاف والوصايا والمناهل والمساجد والطرق والفقراء، ويصلح ذلك وأنت القائم معهم بما يجب, وما كان من أوقاف مصرفها بيت المال، كان ذلك عندك محفوظا حتى نعلمك كيفية صرفه.
ومتى قبضت هذه الواجبات المأخوذة من الناس أخرجت ربعها وميزته, وأحطت علما بما في الجهة من الأيتام والضعفاء والفقراء والمسلمين أهل الحاجة، فأعطهم على قدر ما يحتمله حالهم، فإن لم تبق شيئا فقد أصبت في فعلك, وفعلت ما أمرت به، وإن بقي شيء من ذلك، أنهيت علمه إلينا, حتى نأمرك فيه بما نعتمد عليه إن شاء الله تعالى، والثلاثة الأرباع تصرفها فيما قد تحملت أمره عنا من الخيل، وهي عشرون فارسا أجوادا, أهل عدد وكمال في السلاح والآلة، وأربعون راجلا من أهل الشجاعة والنفاسة, لا يطلبون منا بعد ذلك شيئا في وقت حرب ولا سلم.
وهذه وإن كانت زكاة وهي محرمة على الأشراف, لنحاسب بها ربنا ونتحرى فيه بعد العلم بمقدار ما يخلصنا.
صفحة ٣٩