--- ولما توجهتم معنا نحو صنعاء، تريدون النصرة على الدين, والإدالة بما مضى منكم في حرب المسلمين، واجتمعنا في البلد بملازمة الثغر, نجم من نفاقكم, وظهر مر سيء أخلاقكم, ما تحقق معه الناس خبث سرائركم, وفساد ظواهركم, لم تتركوا عمولة في روح, ولا مواصلة لعدو, ولا دلالة على عورة لمسلم، يشهد بذلك ما كان من طلوع علي روهاس ليلا إلى براش, وهو بزعمه الناصح الناصر، وما فعله داود في الملاقاة للأسد ومماليكه في مثنى الغواير, من غير مانع ولا حاجرو وأظهر من ذلك خلافا ما عمل مع المشطوب, من سلامته من تحت السيوف, وإخراجه لا عن أذن أحد بل على رغم الأنوف، وأثبتوا العمولة فينا يوم الجبوب، فلم يسعدهم الجد ولا ساعفهم المطلوب, بل قصرت عساكر الحق من هممهم، وقلت عزائمنا غروب دعمهم, وصبرنا منهم بعد ذلك على أمر من العلقم, وآلم للأجسام من سم الرقم, ومضرتهم ممكنة لنا، واستئصال شأفتهم غير معجز لمثلنا, وإنما تركنا ذلك كرما في الطبيعة, وبعدا من الأفعال الشنيعة، وفي خلال الرباط منهم والصبر, تنزل عليهم تحف الصليحيات بالخمر, يتساقاها منهم أولوا الفخر, نقل منهم من شهد الأمر, واطلع على مكنون السر، ونحن نتجرع غصص الاصطبار, ونتخلق لتأليفهم وتقريبهم تخلق الأحرار، ونطمع في أن ينتقلوا عن عمل أهل النار, إلى أعمال المتقين الأبرار، وهيهات أن يجتنى من الشرى أريا شافيا, ويمترى من ذكران المعز حلبا صافيا.
ودع عنك نهبا صيح في حجراته ... ولكن حديثا ما حديث الرواحل
صفحة ١٧