مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا
محقق
عبد الحميد محمد الدرويش، عبد العليم محمد الدرويش
الناشر
دار النوادر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
مكان النشر
سوريا
تصانيف
= وأيضًا فالجمود والميعان أمرٌ لا ينضبط، بل يقع الاشتباه في كثيرٍ من الأطعمة: هل تلحق بالجامد أو المائع؟ والشارع لا يفصل بين الحلال والحرام إلَّا بفصلٍ مبيّنٍ لا اشتباه فيه، كما قال تعالى ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾ [التوبة: ١١٥]، والمحرمات ممَّا يتقون، فلا بدّ أن يبين لهم المحرمات بيانًا فاصلًا بينها وبين الحلال، وقد قال تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام: ١١٩]. وأيضًا فإذا كانت الخمر التي هي أم الخبائث، إذا انقلبت بنفسها حلّت باتفاق المسلمين، فغيرها من النجاسات أولى أن تطهر بالانقلاب، وإذا قدر أن قطرة خمر وقعت في خلّ مسلم بغير اختياره، فاستحالت كانت أولى بالطهارة. فإن قيل: الخمر لما نجست بالاستحالة طهرت بالاستحالة؛ بخلاف غيرها، والخمر إذا قصد تخليلها لم تطهر؟. قيل: في الجواب عن الأول: أن جميع النجاسات نجست بالاستحالة، فإن الإنسان يأكل الطعام ويشرب الشراب وهي طاهرة، ثم تستحيل دمًا وبولًا وغائطًا فتنجس. وكذلك الحيوان يكون طاهرًا فإذا مات احتبست فيه الفضلات، وصار حاله بعد الموت خلاف حاله في الحياة فينجس، ولهذا يطهر الجلد بعد الدباغ عند الجمهور، سواء قيل: إن الدباغ كالحياة، أو قيل أنه: كالذكاة فإن؛ في ذلك قولين مشهورين للعلماء، والسنة تدل على أن الدباغ كالذكاة. وأما ما قصد تخليله؛ فذلك لأنَّ حبس الخمر حرام، سواء حبست لقصد التخليل أو لا، والطهارة نعمة، فلا تثبت النعمة بالفعل المحرم. وسئل شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (٢١/ ٥٢٤ - ٥٢٨) عن رجل عنده ستون قنطار زيت بالدمشقي، وقعت فيه فأرة في بئر واحدة، فهل ينجس بذلك أم لا؟ وهل يجوز بيعه أو استعماله أم لا؟ أفتونا مأجورين. فأجاب: الحمد لله، لا ينجس بذلك، بل يجوز بيعه واستعماله إذا لم يتغير في إحدى الروايتين عن أحمد، وحكم المائعات عنده حكم الماء في إحدى الروايتين، فلا ينجس إذا بلغ القلتين إلَّا بالتغير، لكن تلقى النجاسة وما حولها، وقد ذهب إلى أن حكم المائعات حكم الماء طائفة من العلماء كالزهري والبخاري صاحب الصحيح. =
1 / 190