مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا
محقق
عبد الحميد محمد الدرويش، عبد العليم محمد الدرويش
الناشر
دار النوادر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
مكان النشر
سوريا
تصانيف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= بفعل الله طهرت، بخلاف ما إذا زالت بقصد الآدمي على الصحيح، كما قال عمر ابن الخطاب ﵁: "لا تأكلوا خل خمرٍ إلَّا خمرًا بدأ الله بفسادها"، ولا جناح على مسلم أن يشتري خل خمر من أهل الكتاب، ما لم يعلم أنهم تعمدوا فسادها؛ وذلك لأنَّ اقتناء الخمر محرّم، فمتى قصد باقتنائها التخليل كان قد فعل محرمًا، والفعل المحرم لا يكون سببًا للحل والإباحة، وأما إذا اقتناها لشربها واستعمالها خمرًا فهو لا يريد تخليلها، وإذا جعلها الله خلًا كان معاقبة له بنقيض قصده، فلا يكون في حلها وطهارتها مفسدة.
وأما سائر النجاسات فيجوز التعمد لإفسادها؛ لأنَّ إفسادها ليس بمحرم، كما لا يحد شاربها؛ لأنَّ النفوس لا يخاف عليها بمقاربتها المحظور كما يخاف من مقاربة الخمر، ولهذا جوز الجمهور أن تدبغ جلود الميتة، وجوزوا أيضًا إحالة النجاسة بالنار وغيرها، والماء لنجاسته سببان:
أحدهما: متفق عليه، والآخر مختلف فيه. فالمتفق عليه التغير بالنجاسة، فمتى كان الموجب لنجاسته التغير فزال التغير، كان طاهرًا، كالثوب المضمخ بالدم إذا غسل عاد طاهرًا.
والثاني: القلة، فإذا كان الماء قليلًا ووقعت فيه نجاسةٌ، ففي نجاسته قولان للعلماء: فمذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه: أنه ينجس ما دون القلتين، وأحمد في الرواية المشهورة عنه يستثني البول والعذرة المائعة، فيجعل ما أمكن نزحه نجسًا بوقوع ذلك فيه. ومذهب أبي حنيفة ينجس ما وصلت إليه الحركة. ومذهب أهل المدينة وأحمد في الرواية الثالثة: أنه لا ينجس، ولو لم يبلغ قلتين. واختار هذا القول بعض الشافعية كإحدى الروايات، وقد نصر هذه الرواية بعض أصحاب الشافعي، كما نصر الأولى طائفةٌ كثيرة من أصحاب أحمد، لكن طائفة من أصحاب مالك قالوا: إن قليل الماء ينجس بقليل النجاسة، ولم يحدوا ذلك بقلتين. وجمهور أهل المدينة أطلقوا القول، فهؤلاء لا ينجسون شيئًا إلَّا بالتغير، ومن سوّى بين الماء والمائعات كإحدى الروايتين عن أحمد، وقال بهذا القول الذي هو رواية عن أحمد، قال في المائعات كذلك، كما قاله الزُّهريّ وغيره، فهؤلاء لا ينجسون =
1 / 182