مجموع رسائل الحافظ العلائي
محقق
وائل محمد بكر زهران
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
القاهرة - جمهورية مصر العربية
تصانيف
فلفل، يذكر عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رجل لرسول اللَّه ﷺ: يا خير البرية، فقال رسول اللَّه ﷺ: "ذَاكَ إِبرَاهِيمُ ﵇".
أخرجه مسلم (١) والترمذي (٢) أيضًا من هذا الوجه وزاد "ذَاكَ إِبرْاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ".
وثبت عن النبي ﷺ أنه قال: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْر" (٣)، وطريق الجمع بينه وبين هذا الحديث من وجهين:
أَحَدُهُمَا: أنه ﷺ قال ذلك قبل أن يعلمه اللَّه بأنه أفضل من سائر الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم لما أعلمه اللَّه بذلك بينه للناس.
وَالثَّانِي وهو الأقوى: أنه ﷺ قال ذلك على وجه التواضع والاحترام لإبراهيم ﷺ لخلته وأبوته، ولبيان ما يجب له من التوقير والاحترام، ولذلك لما قال ﷺ: "أنَّا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ" أتبعه بقوله: "وَلَا فَخْر" ليبين ﷺ أنه لم يقل ذلك على وجه الافتخار والتطاول على من تقدمه بل قاله بيانًا لما أمر ببيانه، واللَّه سبحانه أعلم.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾. . الآية، ثم في هذه الآية إعلام بتعظيم منزلة نبينا ﷺ وإجلال محله، والإيذان بأن من أشرف ما أوتي خليل اللَّه إبراهيم ﵊ اتباع نبينا ﷺ إياه واقتداؤه به، فهذا وجه تعلق المعطوف بالمعطوف عليه، وذكر بعض المفسرين أن أمر النبي ﷺ في هذه الآية باتباع إبراهيم ﵇ أريد به اتباعه إياه في مواقف الحج، وذكر في ذلك حديثًا في إسناده ضعف عن عبد اللَّه بن عمرو ﵄ عن النبي ﷺ قال: "جاء جبريل ﵇ إلى إبراهيم ﷺ فراح به إلى منى فذكر كيفية مناسك الحج. . . " وقال في آخره: "فأوحى اللَّه إلى محمد ﷺ أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا".
وهذا الحديث غير ثابت لما بينا من ضعف إسناده (٤).
(١) "صحيح مسلم" (٢٣٦٩). (٢) "جامع الترمذي" (٣٣٥٢). (٣) رواه مسلم (٢٢٧٨) من حديث أبي هريرة. (٤) رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٣٢).
1 / 65