مجموع رسائل الحافظ العلائي
محقق
وائل محمد بكر زهران
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
القاهرة - جمهورية مصر العربية
تصانيف
عليه هذا الحديث، وإن كان قد ذهل عنه جماعة من الأئمة الكبار فقد وفق اللَّه تعالى له من المحققين من نبه عليه وهو الذي لا يتجه غيره، واللَّه سبحانه أعلم.
وأما قوله ﷺ: "لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى مُوسَى" فقد ذكر العلماء فيه وجوهًا كثيرة:
مِنْهَا: أن هذا كان قبل أن يعلمه اللَّه تعالى بأفضليته، فلما أعلمه اللَّه بذلك صرح به وقال: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ" (١) ﷺ.
وَمِنْهَا: أن المنهي عنه هو التفاضل بينهم في النبوة فإنها درجة واحدة لا تفاضل فيها.
وَمِنْهَا: أن هذا كان منه ﷺ من باب الأدب والتواضع.
وَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ نَظَرٌ، وَأَقْوَى مِنْهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أنه ﷺ منع من ذلك؛ لأن التفاضل بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يعطيه حقه إلا من يفرق بين الفاضل والأفضل والكامل والأكمل، وليس من الناس يعتقد في المفضول نقصًا بالنسبة إلى الفاضل، وفضل بعض الأنبياء على بعض إنما هو من باب الفاضل والأفضل، ولا نقص يلحق أحدًا منهم؛ فحمى النبي ﷺ من ذلك لئلا يؤدي إلى تنقص من مرتبتهم.
وَالثَّانِي: أن النبي ﷺ لم يمنع من اعتقاد ذلك، إنما منع من قول له وخوض فيه يؤدي إلى خصومة وفتنة كما في الحديث المتقدم من قصة المسلم واليهودي، واللَّه سبحانه أعلم.
أخبرنا سليمان بن حمزة وعيسى بن عبد الرحمن بقراءتي قالا: أنا جعفر بن علي المقرئ، أنا أحمد بن محمد الأصبهاني، أنا أحمد بن عبد الغفار الكاتب، أنا محمد بن علي الحافظ، أنا جعفر بن أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا محمد بن يونس الكديمي، ثنا بشير بن عبيد اللَّه الدارسي، ثنا موسى بن سويد الراسبي، عن قتادة، عن سليمان بن قيس اليشكري، عن جابر بن عبد اللَّه ﵄ قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى
_________
(١) رواه مسلم (٢٢٧٨) من حديث أبي هريرة.
1 / 42