مجموع رسائل الحافظ العلائي
محقق
وائل محمد بكر زهران
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
القاهرة - جمهورية مصر العربية
تصانيف
كما أخبرنا أبو الفضل سليمان بن حمزة بن أحمد المقدسي سماعًا عليه، قال أنا جعفر بن علي بن هبة اللَّه، أنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفىِ، أنا علي بن أحمد بن بيان، أنا طلحة بن علي بن الصقر، ثنا أبو بكر محمد بن عبد اللَّه الشافعي، ثنا موسى بن الحسن النسائي، ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، ثنا ثابت وسليمان التيمي، عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "رَأَيتُ مُوسَى يُصَلِّي في قَبْرِهِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ".
أخرجه مسلم عن هدبة بن خالد وشيبان بن فروخ كلاهما عن حماد بن سلمة به، ولفظه: "مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ" (١).
فهذه الرواية ظاهرة في حياة موسى ﵊ في قبره، ويدل لذلك أيضًا حديث المعراج وترديده النبي ﷺ، وقد تقدم أن الراجح أن الإسراء كان بجسده ﷺ:
أخبرنا الإمام أبو العباس أحمد بن إبراهيم الفزاري قراءة عليه وأنا أسمع سنة
_________
= ومما يؤكد هذا أن الصحابة ﵃ كانوا يختلفون في مسائل كثيرة بعد وفاته ﷺ ولم يخطر في بال أحد منهم أن يذهب إليه ﷺ في قبره ومشاورته في ذلك وسؤاله عن الصواب فيها، لماذا؟
إن الأمر واضح جدا وهو أنهم كلهم يعلمون أنه ﷺ انقطع عن الحياة الدنيا ولم تعد تنطبق عليه أحوالها ونواميسها، فرسول اللَّه في بعد موته حي أكمل حياة يحياها الانسان في البرزخ ولكنها حياة لا تشبه حياة الدنيا، ولعل مما يشير إلى ذلك قوله ﷺ: "ما من أحد يسلم علي إلا رد اللَّه علي روحي حتى أرد ﵇".
وعلى كل حال فإن حقيقتها لا يعلمها إلا اللَّه ﷾ ولذلك فلا يجوز أن نقيس الحياة البرزخية أو الحياة الأخروية على الحياة الدنيوية كما لا يجوز أن تعطى واحدة منهما أحكام الأخرى بل لكل منها شكل خاص وحكم معين ولا تشابه إلا في الاسم؛ أما الحقيقة فلا يعلمها إلا اللَّه ﵎.
(١) "صحيح مسلم" (٢٣٧٥).
1 / 37