زللي، أزمعت إمضاء الوفاء بالعدة [28 و] على الوجه الذي سبق القول به فيها، فوجدت الخاطر قد ثقفته زلته وهذبته عثرته، فأذكرني قول أبي عثمان الخالدي [1] لأبي الفرج الببغاء [2] في أبيات داعبه فيها، وقد رأى شيئا من شعره عند بعض إخوانه بخط غلامه: [3] [الخفيف]
أرنا نسخة لشعرك في العالم ... تقرا بغير خط غلامك
فضاق، عند ذكراه علي فيما كنت هممت به المذهب، ولم يمكن من الوفاء، بوعده- أدام الله حراسته- المهرب، وحاولت من أكلفه نسخ ذلك أو يحفظه ليقوم بايصاله إلى حضرته، وينوب عني في أيراده، بعرضه أو إنشاده، فاعترضني الخوف من أن تغلبني فضائله أدام الله تمكينه عليه، فيعود علي إلبا، ولي خصما، يراني بعين العجز، ويسمني بميسم التقصير، ويزيد فسادا ما رجوته لصلاحه، وينصرف تحسين أمري إلى استقباحه، فيكون حالي معه حال المتنبي في قوله: [4] [الخفيف]
كلما عاد من بعثت إليها ... غار مني وخان فيما يقول
ثم لاح شهاب الحزم، واستمسكت عقدة العزم، فعدلت إلى الإستعانة بمن يبلغ ما لا يتهمه، وينطق بما لا يعلمه، وأمن منه ميل المقة، وأسلم فيه
صفحة ٩٠