فيا لمن قال بعدم الطينة الويل! كيف تكون قديمة مع ما بينا من صنع الله الجليل؟! فانظر أيها المسترشد إلى ما ذكرنا، فلن تجده بخلاف ما قلنا، ولن يقدر أحد من الملحدين على فساد ما به دنا، وعلى الله اعتمدنا، وهو حسبنا وخالقنا ومصورنا، وإلهنا ومدبرنا، ومخترعنا ومقدرنا، ورازقنا ومعمرنا، وآمرنا وزاجرنا، وواعدنا وموعدنا، وموفقنا ومسددنا، ومميتنا ومحيينا، وممرضنا وشافينا، ومطعمنا وساقينا، والذي نرجو أن يغفر لنا ذنوبنا ويعفو عن هفواتنا، وبتجاوز عن سيئاتنا وقبيح أفعالنا، وعظيم جرمنا وسيء أعمالنا، وأن يبارك لنا في قصر أعمالنا، ونزع أرواحنا من أجسادنا، وألا يخرج أنفسنا إلا من بعد رضائه عنا، في سبيله بعد اجتهادنا، ونسأله أن يتفضل بذلك علينا، وأن يجعل آخر صحتنا في أعظم ما كلفنا، وأزكى ما به أمرنا، وأن يجعل عند ذلك ذكره آخر كلامنا، واليقين به آخر اعتقادنا، والبذل لأجسادنا في سبيله والغضب له آخر أعمالنا، ولقاه آخر آمالنا، وثوابه آخر سرورنا، وألم الموت آخر محنتنا، والأجداث أول راحتنا، والطاعة أكبر همنا، والعداوة لأعدائه آخر حقدنا، والموالاة لأوليائه آخر ودنا، وأن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن يجعلنا من رفاقة نبيه وأحبائه، وجيرانه وأوليائه، وأن يجينا من عذابه، فلا قوة لنا إلا به، فما هي إلا مدة سنسأل فيها عن النعيم، إن لم نجتهد في الطلب غاية الاجتهاد، ونشمر قبل رحلتنا وطلب الزاد.
صفحة ٨٦