مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
تصانيف
وبعد ذلك فقريش أكفاء فيما بينهم، وكذلك جميع العرب على قدر أنسابهم، ومعرفتهم بمناصبهم وأحسابهم، فلا تحل نساء العرب إلا لمن هو مثلهن في النسب، أو من هو أفضل منهن في الأصل والحسب، ومن كان مجهول الأصل من العباد فمناكحته حرام على المعروفين، ولا يجوز نكاح المجهول بمعروفة النسب، لأنه لا يؤمن أن يكون أصله من غير العرب، فيكون ذلك النكاح محرما لدناءة المنصب، ومن فعل ذلك رأيت التفريق بينه وبينها واجبا، ورأيت الأدب لوليها، والتنكيل والإبعاد للناكح لها، وكتابي هذا إعذار وإنذار لمن نكح من هؤلاء المجهولين، إلى العرب الصرحاء المعروفين، فرحم الله عبدا عرف أصله، ثم طلب من النسوان من كان مثله، ومن فعل غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ومن سمع كتابي هذا وهو من المذكورين، الذين حرم الله نكاحه على الصرحاء المعروفين، فيفارق من كان عنده، ويستر بذلك عوره وعرضه، وإلا فيصبر نفسه على كشف أمره، وقبيح شناعته وذمامة ذكره، فإني بعون الله أخزي من حكم بغير حكم الرسول، وأميز بين أهل الدناءة والأصول، وكذلك من كان غير حمي على أصله، ولم ينكف على حرمه وأهله، فيبشر منا بالعقوبة والهوان، وبما يخزيه في الآخرة من عذاب الرحمان، ومن لم يزدجر من آولئك بآدابنا وكلامنا، فسنرده إلى الحق بحد سيوفنا ورماحنا، وقد عرضت لمن عقل بالتلويج، قبل المباينة والضرب والتصريح، فمن قبل ما أمرناه به من حكم القرآن، وإلا قتلته بحدة السيوف والمران، والله حسبنا وعليه التكلان، وكذلك لا يتم النكاح إلا بعد رضى الحرم وإعلامهن، ولا يجوز لأوليائهن ذلك إلا بأمرهن، أو بعد الإخبار بمساكهن، ولا يجوز لأحد أن ينكح من هي كارهة له، والذي أراد الله من العباد، هو كلما أبعد من المقت والفساد، والكفؤ فهو: على ما ذكرنا، وبه من المنصب والدين قلنا، وبعد فلا يجوز لقبيح الصورة ثقيل، أن ينكح ذات جمال وخلق عديل، إلا أن ترضى به رضى لا تريد معه أن يطلقها، وإلا فيجب عليه في حكم الله أن يفارقها، وبالله لولا ما أراد الله من الحق، وحكم به من العدل والصدق، لما ذكرنا شيئا من ذلك، ولا مسكنا عمن كان من العباد كذلك، ولكن الله أكرم القائلين، قال: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} [الحجر:94]. وصلى الله على مولانا خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطاهرين، وسلم ورحم وكرم.
انتهى كتاب الأكفاء كاملا بحمد الله ومنه.
- - -
كتاب
تفسير الصلاة
كتاب تفسير الصلاة
سألت يا أخي - ألزمك الله بهدايته، وجاد علينا وعليك برحمته - عن تفسير ما أوجب الله من الصلاة على العباد، وشغلهم به عن الغي والفساد، ودعاهم به إلى الخير والرشاد... إلى قوله: وإنما تعبد الله سبحانه المكلفين بالصلوات والخشوع، والتذلل والدعاء إلى الله والخضوع، ليشغلهم بذلك عن التكبر والإعجاب، لما في التكبر والقسوة من سوء الآداب، وفساد القلوب وتغير الألباب، ولأن التذلل أولى بالعباد، وأبعد لهم من الغفلة والفساد، لأن من خضع لله وذل، فقد سلم لأمر الله وقبل، ومن سلم لأمره سلم من الموبقات، ونجا برحمة الله من المهلكات.
فأول ما نبدأ به - إن شاء الله - حكمة الله في الأمر بالظهور، وما تفضل به علينا من المصلحة في التقدير، فنقول: إن الله عز وجل بنى الإسلام على الطهارة من الأقذار، والنزاهة من الأدران والآثار... إلى قوله: والصلاة في لغة العرب هي: الدعاء إلى الله والابتهال، والتضرع والطلب والسؤال، والأذان فهو: الإيذان والإعلام، والإخبار بوقت الصلاة والإفهام، والتنبيه بالدعاء إلى الصلاة للغافلين، وذلك حجة لله على كل من سمعه من السامعين، وهو أصل من أصول الدين، وداعية إلى الحق المبين.
صفحة ٢٧٦