مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني

الإمام الحسين بن القاسم العياني العياني ت. 404 هجري
174

مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني

وسألت عن الغيث والبرد إذا تلف منهما تالف ومات بأسبابهما؟

والجواب في ذلك: أن الله أتلفه بالبرد والمطر وأماته، وأذهب عمره بذلك وحياته، فأما الغيث والبرد فلا يعيان ولا يعقلان، ولا يقتلان أحدا ولا ينشران، ولكن أمات بهما وأحيا، ودبر بهما وهيأ، وجعل فيهما خيرا وشرا، وركب فيهما نفعا كامنا وضرا.

وسألت عن الرجل أمأثوم إذا سافر إلى بلد السدم؟

والجواب: أنه إن تعمد بذلك تلف نفسه فقد أثم، وإنما السدم طبيعة حارة من جنس النار، تقوى بشلكها، وتبطل بخلاف أمثالها، وإنما ركب الله سبحانه أجسام العباد على أربع طبائع مختلفة، متضادة غير مؤتلفة، وهي: الحر والبرد، واليبس والرطوبة، وكل طبيعة من هذه الأربع تقوى بشكلها، وتبطل بضدها، فكل حار من الأغذية يقوى الحرارة التي في الجسد وينميها، وكل بارد من الأغذية يبطل الحرارة وينفيها، ويقمعها أبدا ويطفيها. وكذلك روي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله.

وأما ما روي عنه من المقال، بأن بلد الوباء يقرب في الآجال، فهذا فاسد من الرواية والمقال، ولكن يمكن أن يكون نهى عن بلد الوباء لتعب الحر وأعراضه، ونكد عواقب السدم وأمراضه. فأما الأجل، فلا يقربه إلا الله عز وجل، أو ظلم العباد، وتفريقهم بين الأرواح والأجساد، لأن الله سبحانه طبع الروح والجسم على الاجتماع، والإفتراق عند التغير والإنقطاع، فإذا تغير الجسد خرج الروح بعد قراره وثباته، ومات الجسم وهلك بعد حياته، رحمة منه سبحانه للمخلوقين، وتنبيها بالضعف للغافلين، لينظروا إلى ضعف أنفسهم وأجسادهم، فيزهدوا في الدنيا باجتهادهم، ويقبلوا على طاعة ربهم، ويستعدوا للموت قبل حلوله بهم، حتى تخرج أنفسهم على أيقن اليقين، ويقفوا بين يدي الله على الحق المبين، ويسلموا بذلك من صفقة الحظ الغبين.

وسألت عن المقتول هل بقي من عمره شيء، أم قد اخترم القاتل أجله قبل وقته ؟

صفحة ٢٥٨