مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
تصانيف
ووجه آخر: أن صعود الماء إلى الثمار، وعلوه مصعدا في أعالي الأشجار، لا يكون إلا من الواحد القهار، لأن الماء طبع على الانحدار ولم يطبع على الصعود والعلو في الأغصان، لأن ذلك لا يوجد إلا بالله الواحد الرحمن، وكذلك النطف التي في الأرحام، فتصويرها من ذي الجلال والإكرام، وأما الغذاء بحرارة الأرحام، فهو طبيعة تفضل الله بها على الأنام، كما تفضل عليهم بالماء والطعام، فمن زعم أن الرحم التي صورت، وأن المياه والأرضين التي قدرت، وصنعت الصورة ودبرت، فقد كفر صاغرا وأشرك، وهلك بجهله فأهلك، لأن الماء يغدو بطبيعة البرد واللين، والصورة في نفسها ليس لها طبيعة غير حكمة الله الحق اليقين، لأن كل شيء في الصور يدل على الحكمة، والعلم الحق المبين، ولله عز وجل فعلان، فعل الإرادة والقصد في الأحيان، وفعل طبائع كامنة في الجمادات والأبدان، كمنها قبل هذا الزمان وفي هذه الأزمان، وأما الإرادة والقصد منه تبارك وتعالى، فمثل خلقه للذكر والأنثى، وأما الفعل الكامن فمثل طبائع الحجارة والنيران، ومثل المياه والحديد وغير ذلك من صنع الرحمن.
واختلف في هذه الطبائع فقال بعضهم: هي تفعل لغير صانع صنعها، ولا فاطر فطرها وابتدعها، وهم الملحدون، الكفرة الأنجاس الجاحدون، قد رددنا عليهم في كتاب الطبائع وغيره، ما يكتفى به عن إعادته وتكريره.
صفحة ٢٣٥