نعم ما رأيت الحكماء المخلصين يا سورى إذ فرقوا جزء النظر من جزء الفعال اللذين هما جزء الحكمة فإنه // وإن كان يعرض أن يكون الفعال نظرا قبل فليس الفصل بينهما بصغير ليس لأن بعض الفضائل الخلقية فقط // قد يمكن أن تكون في كثير من الناس بلا تعلم ولا يمكن إدراك علم الكل بغير تعلم ولكن لأن أكثر // المنفعة يكون إما في الفعال فمن كثرة المواظبة على العمل في الأشياء ❊ وإما في العلم فمن الازدياد في // العلم ومن أجل ذلك رأينا أنه ينبغي لنا أن نحكم تقدير الأفعال بأوائل حركات الخطر والتخييل // وابتدائه لكي لا نصنع شيئا من البحث عن كل جميل حسن الهيئة بحسن التقدير ولا في صغار الأمور ومحقراتها // وأن نبذل أكثر فراغنا ونجعل أكثر عنايتنا في تعلم العلم الكبير الخطير وخاصة المخصوص // باسم العلم فما أحسن ما قسم ارسطاطيليس جزء النظر إذ قسمه في أجناس أول ثلاثة في الطبيعي // والعلمي والإلاهي لأن كون كل مكون من العنصر والصورة والحركة ولا يمكن أن يرى في // المعلوم كل واحد من هذه الثلاثة وحده قائما بنفسه بغير الآخر وقد يمكن أن نعقل وحده بغير الآخر // ومن طلب أن يعلم ما السبب الأول الذي للحركة الأولى فسيثبت إذا بسط ذلك على المراتب أنه // {إلاه} لا يرى ولا يتحرك وإن صنف النظر الذي به يبحث عن طلب العلم به في أعلى علو العالم يسمى إلاهي وذلك // {بعقول} أنه مفارق للجواهر الحسية وأما صنف النظر الذي به يبحث عن أصناف العنصرية الأبدية // التغير في الأبيض والحار والحلو وما أشبه ذلك فنسمي طبيعيا وهذه الطبيعة في الأشياء التالية أكثر // ما تكون منتقلة تحت فلك القمر ونفرز الصنف الدليل على تبيين أصناف الصور وعلى الحركات // المنتقلة والكمية والعظم والزمان والشكل وما أشبه ذلك ونخصه باسم العلم وهذه // الطبيعة كالواسطة بين تينك الطبيعتين ليس لأنه يمكن أن يفهم بالحس وبغير الحس فقط // ولكن لأنها تكون في جميع {الأيسية} (¬2) فيما يموت وفيما لا يموت متغيرة مع المتغيرات في الصورة // غير المفارقة أبدا لازمة لصور الأشياء الأبدية الدائمة التي هي من الطبيعة الأثيرية بغير تغير // ❊ ولذلك نقول إن الجنسين الآخرين اللذين هما من قسمة النظر يحزران حزرا ولا يدركان بحقيقة // العلم إما الإلاهي فلأنه البتة لا يرى ولا يحاط به وإما الطبيعي فلزوال العنصر وخفته // وتغيره وقلة ثباته ولذلك لا يرجى اتفاق الحكماء فيهما أبدا ❊ وأما جنس العلم فهو وحده // {...} يورث من اتخذه بعناية وشدة بحث العلم الثابت الحقي بلا تغير ولا اختلاف لأن البرهان // B عليه بطرق غير مشكوك فيها من علم العدد والمساحة ❊ ونحن نريد أن نعنى بجميع هذا العلم // بقدر قوتنا عليه وخاصة بعلم السماوية لأن هذا وحده فقط بتكرير البحث والنظر // في الأبدية الثابتة يمكن (¬3) أن يكون إما في درك نفسه فهو الذي ليس بخفي ولا غير مقتدر // أبدي ثابت وذلك هو خاصة العلم الحقي ❊ وإما في درك القسمين الآخرين فليس عونه // فيهما {بدون} إما في الجنس الإلاهي فهو المطرق السائق إليه لأنه وحده فقط يمكن من حسن // قياس ما لا يتغير وحزره بلا عمل يقرب الأعراض التي في الأدوار ومراتب الحركات اللواتي // للجواهر الحسية المحركة والمحركة الأبدية التي ليس فيها اختلاف وإما في الطبيعي فليس عونه // أيضا بصغير فإن كلية خاصة الطبيعة العنصرية أنما ترى من خاصة انقلاب الحركة المنتقلة // ولذلك نرى الذي يبلي والذي لا يبلي من حركة الاستقامة والاستدارة والثقيل والخفيف والفاعل // والمفعول من التي من الوسط ومن التي إلى الوسط ❊ وأيضا في الأفعال ومحاس الاختلاف المحمودة // فليس شيء أكثر منه عونا لتحديده أبصارنا وأفكارنا للنظر فيما يشبه الإلاهية من حسن // التقدير والتعديل وقلة الكبر ولأنه يجعل من تبعه متعشقا لهذا الجمال السماوي ويدعوا // بالعادة بالإلاهية والاتصال بها إلى ما يشبه النفس من حسن الهيئة والتشبه بتقديرها ❊ // ونحن فسنتكلف أن نزيد في عشق علم الأبدية الثابتة فيما يتلو من كتابنا هذا ❊ أما ما قد تم // إدراكه من هذه التعاليم فنتعلمه من المخلصين من أهل هذا العلم وطالبيه ببحث وعناية ونحرص // أن نزيد فيه بقدر ما يمكن أن يزيدنا الزمان الذي بيننا وبينهم من الإيضاح وكل ما ظننا أنه قد // استبان ووضح وصح عندنا من هذا العلم إلى زماننا هذا الحاضر فنتكلف أن نكتب عليه كتابا // بإيجاز وعلى أكثر ما يمكن من الاختضار وبقدر ما يستطيع أن يتبع فهمه المهرة من أهل العلم // بالحساب ❊ ولما نريد من إكماله نضع كل ما ينتفع به ويحتاج إليه من علم السماوية في موضعه // وعلى مرتبته ولئلا نطيل الكتاب أما ما صح بحقيقة مما وصفت القدماء فنمده صفحا فقط وما لم // يبلغوا إدراكه أو وضعوه على غير ما ينبغي فنتكلف عمله والنظر فيه بقدر طاقتنا إن شاء الله //
<I.2> // النوع الثاني في مراتب وجوه هذا العلم
إن أول ما يتقدم هذا العلم جملة المعرفة بصفة كل الأرض عند كل السماء وأول ما ينبغي // أن نأخذ فيه من أقسامه وأجزائه فيما يتلو طلب العلم بموضع الفلك المائل وبما يعلم من المواضع // العامرة من الأرض ثم بعد ذلك بالخلاف الذي بين آفاقها الذي من قبل الميل على مراتبها فإنه إذا // تقدم العلم بما ذكرنا كان البحث عما سوى ذلك أسهل سبيلا ❊ والثاني الذي ينبغي أن نأخذ فيه // طلب علم الحركة الشمسية والقمرية وما يعرض فيهما لأنه لا يمكن إدراك العلم بالكواكب // وما نريد أن نشرح من علمها قبل إدراك العلم بهما ومن أجل أن القول على الكواكب آخر ما // ينبغي أن نأخذ فيه على ما يشبه النسق فحق ينبغي أن نقدم القول على فلك الكواكب الثابتة ثم // نلحق ذلك القول على الكواكب الخمسة (¬4) التي يتسمى المتحيرات ونتكلف أن نبين كل واحد مما // ذكرنا باتخاذنا لوجوده الآلات والمقاييس بالأسباب الظاهرة الواضحة التي لا يشك // فيها مما وصفته القدماء وقسناه نحن من بعدهم كالأساس والمبادئ ونبني عليها كل ما يتبعها // بطرق البرهانات المساحية ❊ //
<I.3> النوع الثالث كيف يعلم أن حركة السماء كرية //
صفحة ٣