مجلة الأستاذ
الناشر
دار كتبخانة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى -طبق الأصل-
سنة النشر
١٩٨٥ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
الخشب غير أن ملاعق الأغنياء من خشب البقس وملاعق الأمراء من خشب الأبنوس ويندر عمل الملاعق الفضية عند كبار الأمراء وبهذا الاقتصاد العظيم كانت الثروة عظيمة كلٌّ بحسب حاله مع قلة النقود إذ ذاك وعدم اتساع التجارة والزراعة فإن آنية الفلاح إذا كسرت صنعت المرأة غيرها في الحال وآنية الغني يشتريها بالنص والميدي لا بالفرنك والريال والجنيه وآنية الأمير يشتريها بالقروش ولكن لقلتها لا تكلفه فوق طاقته. وعدم التوسع في المطاهي كان حجابًا عظيمًا بين الذهب والذهاب والفضة والانفضاض. حتى إن القدماء لما لم يجدوا بابًا ينفقون فيه ذهبهم التزموا دفنه في الأرض ليكون سدادًا من عِوَز إذا دعت إليه الضرورات وهو الذي نسميه الآن خبيئة وكنزًا وما هو الأفضل الاقتصاد وما زاد عن ضروريات المعيشة. فلما حصل الاختلاط وامتدت التجارة واتسع نطاق الزراعة وساكن الأجنبي الوطني وتبادل الفريقان الزيارة قبح الغربي اقتصاد الشرقي وعده بقاءً على الهمجية والتوحش وحسّن له التوسع في المآكل والمشارب وآنيتها ليماثل الأمم المتمدنة في العالم وما قصد بذلك إلا تحويل ما بيده من النقود إلى بلاده واتخاذه أجيرًا يشتغل ويكد الليل والنهار حتى إذا طاب زرعه وامتلأت يده بالنقود جاءهُ الأجنبي بمحسناته فأخذ ما بيده
وتركه في أسواء مما كان فيه. فهجم الوطني الفقير والغني والأمير على المحسنات الغربية يشتريها بنفيس الذهب وتعلم التفنن في المطاعم والمشارب حتى صارت آنيته مركبة من مئات من الصحون المختلفة الأشكال والكاسات المتنوعة إذ صُنع له أواني للشوربة وأواني للحم
1 / 53