أولًا: أن تكون وقاحًا صفيق الوجه. تفاتح الناس الكلام بلا مناسبة ولا تستحي ويعرضون عنك احتقارًا واستنماجا لك فلا تخجل ولا ترعوي
ثانيًا: الذلة وذلك أن تكون جبانًا مهينًا لا نخوة لك ولا إباء ولا عزة فترضى معاشرة الغنى مع علمك أنه شفيه وله ساعات جهل وبطر ينحط فيها عليك بصنوف الإساآت وضروب الشتائم من غير علة ولا سبب وساعات يريد أن يضحك الحاضرين فلا يجد غيرك هدفًا للضحك وغرضًا للسخرية والطفيلي لا يرى في ذلك باسًا ولا عارًا بل يحسب أن ذاك يزيده اتصالًا برب نعمته واستمكانا لمنزلته عنده ويقول لا جرم فإنه يدفع ثمن الضحك والشتم وأراني ساعة يملأ شدقيه ضحكًا أملأ جوفي طعامًا ثالثًا: أن تكون منافقًا متلمقًا. تظل ولا شأن لك إلا حمد كل ما يأتي به رب نعمتك وأبو مثواك حسنًا كان أو قبيحًا ثم تجاريه في جميع أمره فتحمد ما يحمد وإن كان مذمومًا وتذم ما يذم وإن كان محمودًا تنظر بعينيه وتسمع بأذنيه وتذوق بلسانه وتحب بجنانه وتكره بقلبه وتغضب لغضبه وتكون إجابتك ابتسامة بالابتسام وعبوسة بالعبوس وضحكة بالضحك وبكاءة بالبكاء أسرع من رجع صداه وعكس مرآته. وكان أحد المتملقين يقول: إن الرجل الغني ليقول الكلمة الغثة الباردة فاغرب في الضحك وإنما ضحكي بمقدار ما انتظر من العطاء لا بمقدار فكاهة الكلمة. وكان آخر يقول كنت أجلس بين الغنيين فيشتبك بينهما الجدال ويتناضلان بالحجة فلا أزال أميل بالاستحسان إلى هذا تارة وإلى ذاك أخرى فيعجب كل منهما بنفسه ويفتن بحسن قوله ويشغله ما يداخله من الفرح بأصالة رأيه من التمادي في المناظرة ويحمله التيه بذلاقة لسانه. وقوة برهانه. على رحمة مناظره حتى يترك كل منهما المناظرة فيؤول إلى الأمن الوئام والسكينة ما كان يؤذن بالشر والخلاف والخوف. وقال آخر ما خشيت قط شيئًا مثل أن يسألني صاحب الدار عن أمر لا أعرف رأيه فيه فإني أخاف أن أذهب مذهبًا لا يراه وفي ذلك من مخالفة أصول التملق ما فيه. ومن أهم صفات المتملق أن لا يكون له مبدأ ولا رأي بل يستعير مبادئ الغنيّ الذي يجالسه مادام في داره فيلبس لكل بيت زيًا. ويتلون كل ساعة لونًا كأنه الماء الذي لا شكل له في ذاته وإنما يأخذ شكل ما يحيط به من الوعاء فإذا أبى المتملق إلا أن يكون ذا مبدأ فعليه أن يخلع مبدأه مع حذائه على عتبة كل دار يدخلها فلا يلبسهما إلا ساعة الانصراف.
1 / 16