ولأجل هذا البيان فإن القرآن يُكثِرُ اللهُ جلَّ وعلا فيه إطلاق الظلم على الشِّرك كما قال تعالى: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ وقال: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: ١٠٦]، وقد ثبت في صحيح البُخَارِي عن النَّبِي ﷺ أنَّه فَسَّر قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: ٨٢]؛ أي: بشرك.
وقالَ جلَّ وعلا عن العبد الصالح لقمان الحكيم: ﴿يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]، هذا معنى الظلم في لغة العرب، ومنه قيل لمن يضرب لبنه قبل أنْ يروب: ظالم؛ لأنه وَضَعَ الضَّرب في غير موضعه؛ لأن ضربه قبل أنْ يروب يضيِّع زبده، وفي لغز الحريري:
هل تجوز شهادة الظالم، قال: نعم، إن كان عالمًا. يعني بالظالم الذي يضرب لبنه قبل أنْ يروب، ومن هذا المعنى قول الشَّاعر:
وصاحب صدقٍ لم تربني شكاته ... ظلمتُ وفي ظَلْمي لهُ عامدًا أجرُ
يعني بصاحب الصدق الذي لم تربه شكاته: سقاءٌ له ضربه قبل أنْ يروب. ومن هذا المعنى قول الشَّاعر:
وقائلة ظلمتُ لكم سقائي ... وهل يخفى على العَكِدِ الظليمُ