299

مجالس في تفسير قوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم}

تصانيف

قال إمام أهل البصرة سيبويه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي مولاهم البصري في ((الكتاب)): قال الخليل -وسأل أصحابه-: كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا بالكاف التي في: لك، والكاف التي في منك، والباء التي في: ضرب؟ فقيل له: باء وكاف. فقال: إنما جئتم بالاسم ولم تلفظوا بالحرف، وقال: أقول كه وبه، فقلنا: لم ألحقت الهاء؟ فقال: رأيتهم قالوا: عه، فألحقوا الهاء حتى صيروها يستطاع الكلام بها، لأنه لا يلفظ بحرف، فإن وصلت قلت: ك واعلم، وب يا فتى، كما تقول: ع يا فتى، فهذه طريقة كل حرف كان متحركا، وقد يجوز أن تكون الألف هاهنا بمنزلة الهاء، لقربها منها وشبهها بها، فتقول: با، وكا، كما تقول: أنا.

فتلخص من قول الخليل بن أحمد أن النطق بالحرف الواحد له ثلاثة وجوه، أحدها: وصل هاء السكت به، مثل (به) في النطق بحرف الباء من: ضرب.

والثاني: وصل الكلام به مثل: ب يا فتى.

والثالث: وصله بألف مثل: با، بلا مد. والله أعلم.

وليس في الآية من الحروف المفردة سوى الواو العاطفة، ومعناها لغة: الجمل الذي له سنامان. والأصح أن الواو العاطفة لمطلق الجمع، لا تدل على ترتيب ولا معية، وقيل: تفيد الترتيب، وقيل: هي للمعية.

ومن الحروف ذوات التركيب مع غيرها مما هو مذكور في هذه الآية الشريفة: اللام في قوله تعالى: {لقد من الله} وفي قوله تعالى: {وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}.

ومعنى اللام في اللغة: اسم للحرف، ويطلق اسما للشجر إذا استوى واستقام أيام الربيع، واللام أيضا اسم للسهم لكنه بلغة الحبشة، وهو أيضا اسم لشخص الإنسان.

صفحة ٣٥٤