وعن إسحاق بن إسماعيل بن علي قال: حدثني عمي عيسى بن علي قال: دخلت على المنصور فقال: يا أبا العباس أتذكر رؤياي بالشراة؟ قلت: يا أمير المؤمنين أي الرؤيا؟ قال: مثلك ينساها؟ كان يجب أن تكتبها بقلم من ذهبٍ في رقٍّ وتوصي بها بنيك وبني بنيك! قلت: فأخبرني بها يا أمير المؤمنين! قال: رأيت كأني بمكة إذ فُتح باب الكعبة فخرج رجل فقال: عبد الله بن محمد. فقمت وقام أخي. فقال الرجل: ابن الحارثية. فدخل أخي فأبطأ هنيهةً ثم خرج وفي يده لواء فخطا خطىً خمسًا ثم سقط اللواء من يده. ثم خرج الرجل بعينه فقال: عبد الله، فقمت وقام عمي عبد الله بن علي وصعد الدرجة فزحمته ببعض أركاني فسبقت فإذا بأبي وإذا رسول الله، ﷺ. فقال لي الرجل: ابدأ برسول الله، ﷺ، فسلمت عليه فدعا بلواء فعقده لي ثم قال: هاك فيك وفي ولدك حتى تقتلوا به الرجال. فخطوت خطىً لو شئت أن أخبركم بها لأخبرتكم.
وحدثنا محمد بن يونس قال: أخبرني منصور بن أبي مزاحم عن طيفور مولى أبي جعفر قال: قال المنصور: رأيت في السنة التي وليَ فيها هشام بن عبد الملك كأني راكب حمار أسود وعليه حمل تبن عظيم، وكان بالموصل رجلٌ يعبر الرؤيا، وحججت تلك السنة فرأيته بمنىً وقصصت عليه الرؤيا. فقال: أخبرني لمن هذه الرؤيا. فقلت: لرجل من أفناء الناس. قال: ما قلت الحق، اصدقني وأصدقك! فقلت: لرجلٍ من بني هاشم. قال: الآن جئت بالحق، إن صدقت الرؤيا صار صاحبها خليفةً. قال: فانسلكت كالهارب خوفًا أن يظهر من قولي وقوله شيء. قال: فبينا الربيع ذات يوم قد دخل فقال: يا أمير المؤمنين رجل بالباب معبّر يستأذن. قال: أدخله. فأدخله فلما رآه تبسّم وقال: هذا صاحبي. فدنا منه وقبّل يده. فقال: أتذكر رؤياي؟ قال: نعم، وهي التي حملتني إليك. قال: كيف كنت تأولتها؟ قال: قلت راكب حمار أسود والحمار جدّ الرجل وسواده سودد، قلت وكان على الحمار تبن فقلت الحنطة والشعير يخرجان من التبن وقعد عليه ومن صار مالكه فقد ملك الأقوات فهذا رجل يملك الناس. قال: لله أبوك ما أحسن ما عبّرت وأسرع ما صححت! وأمر له بصلةٍ وقال: أقم عندنا وحوّل عيالك فإنا نأمر لك بأرزاق تسعك وإياهم. ففعل ذلك.
وبلغنا عن مزاحم مولى فاطمة قالت: كنت مع عمر بن عبد العزيز وهو نائم فانتبه وقال: يا فاطمة لقد رأيت رؤيا ما رأيت أحسن منها. قلت: حدثني بها يا أمير المؤمنين. قال: حتى أصبح. قال: فجاء المنادي فناداه بالصلاة فقام فصلّى بالناس الفجر ثم رجع إلى مجلسه. فأتيته فقلت: يا أمير المؤمنين حدثني بالرؤيا. فقال: رأيت كأني في أرض خضراء لم أر أرضًا أحسن منها، ورأيت في تلك الأرض قصور زبرجد ورأيت جميع الخلائق حول ذلك القصر، فبينا أنا كذلك إذ نادى مناد من القصر: أين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب؟ فقام النبي، ﷺ، فدخل القصر، فقلت: سبحان الله! إنا في ملإ فيهم رسول الله، ﷺ، ولم أسلّم عليه! فلم ألبث إلا قليلًا حتى خرج المنادي فنادى: أين أبو بكر الصديق؟ فقام أبو بكر، ﵀، فدخل، فما لبثت إلا قليلًا حتى خرج المنادي فنادى: أين عمر بن الخطاب؟ فقام عمر فدخل، فقلت: سبحان الله! إنا في جمع فيهم أبي ولم أسلّم عليه! فما لبث إلا قليلًا حتى خرج المنادي فنادى: أين عثمان بن عفان؟ فقام عثمان، ﵀، فدخل، فما لبثت إلا قليلًا حتى خرج المنادي فنادى: أين علي بن أبي طالب؟ فقام عليّ فدخل، فما لبثت إلا قليلًا حتى خرج المنادي فنادى: أين عمر بن عبد العزيز؟ فقمت فدخلت فرأيت النبي، ﷺ، قاعدًا ورأيت أبا بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعثمان وعليًا بين يديه، فقلت: أين أقعد؟ لا أقعد إلا إلى جنب أبي، قال: فقعدت عند عمر بن الخطاب، فرأيت فيما بين النبي، ﷺ، وأبي بكر شابًا حسن الوجه، فقلت: يا أبة من هذا؟ قال: هذا عيسى بن مريم، ﵇. قال: فما لبثت إلا قليلًا حتى سمعت مناديًا ينادي: يا عمر بن عبد العزيز اثبت على ما أنت عليه. قال: ثم قمت فخرجت فلم ألبث إلا قليلًا حتى خرج عليّ عثمان وهو يقول: الحمد لله الذي نصرني. ثم لم ألبث إلا قليلًا حتى خرج عليّ بن أبي طالب ﵁، فقال: الحمد لله الذي غفر لي!
مساوئ الرؤيا
1 / 145