المغاز
محقق
مارسدن جونس
الناشر
دار الأعلمي
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٩/١٩٨٩.
مكان النشر
بيروت
تصانيف
السيرة النبوية
ابن حزم، قَالَ: صَفّ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَصْحَابَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ قُرَيْشٌ، وَطَلَعَتْ قُرَيْشٌ وَرَسُولُ اللهِ يَصُفّهُمْ، وَقَدْ أَتْرَعُوا حَوْضًا، يَفْرُطُونَ [(١)] فِيهِ مِنْ السّحَرِ، وَيَقْذِفُونَ فِيهِ الْآنِيَةَ. وَدَفَعَ رَايَتَهُ إلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَتَقَدّمَ بِهَا إلَى مَوْضِعِهَا الّذِي يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يَضَعَهَا فِيهِ. وَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَنْظُرُ إلَى الصّفُوفِ، فَاسْتَقْبَلَ الْمَغْرِبَ، وَجَعَلَ الشّمْسَ خَلْفَهُ، وَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ فَاسْتَقْبَلُوا الشّمْسَ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْعُدْوَةِ الشّامِيّةِ وَنَزَلُوا بِالْعُدْوَةِ الْيَمَانِيّةِ- عُدْوَتَا النّهْرِ وَالْوَادِي جَنْبَتَاهُ- فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنْ كَانَ هَذَا مِنْك عَنْ وَحْيٍ نَزَلَ إلَيْك فَامْضِ لَهُ، وَإِلّا فَإِنّي أَرَى أَنْ تَعْلُوَ الْوَادِيَ، فَإِنّي أَرَى رِيحًا قَدْ هَاجَتْ مِنْ أَعْلَى الْوَادِي، وَإِنّي أَرَاهَا بُعِثَتْ بِنَصْرِك.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: قَدْ صَفَفْت صُفُوفِي وَوَضَعْت رَايَتِي، فَلَا أُغَيّرُ ذَلِكَ! ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللهِ ﷺ رَبّهُ ﵎، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [(٢)]، بَعْضُهُمْ عَلَى إثْرِ بَعْض.
حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ: حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ: حَدّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ قَالَ: عَدّلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الصّفُوفَ يَوْمَئِذٍ، فَتَقَدّمَ سَوَادُ بْنُ غَزِيّةَ أَمَامَ الصّفّ، فَدَفَعَ النّبِيّ ﷺ بِقَدَحٍ فِي بَطْنِ سواد بن غزيّة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: اسْتَوِ [(٣)] يَا سَوَادُ! فَقَالَ لَهُ سَوَادُ: أوجعتنى،
[(١)] فى الأصل وب: «يقرظون فيه من الشجر»، وما أثبتناه عن نسخة ت. وفرط الرجل إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء والأرشية. (النهاية، ج ٣، ص ١٩٤) . [(٢)] سورة ٨ الأنفال ٩. [(٣)] فى الأصل: «اسبق»، وما أثبتناه عن سائر النسخ.
1 / 56