88

المغاز

محقق

مارسدن جونس

الناشر

دار الأعلمي

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٩/١٩٨٩.

مكان النشر

بيروت

- يَعْنِي وَادِيَ الرّوْحَاءِ- هَذَا أَفْضَلُ أَوْدِيَةِ الْعَرَبِ. قَالُوا: وَكَانَ خُبَيْبُ بْنُ يَسَافٍ رَجُلًا شُجَاعًا، وَكَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ، فَلَمّا خَرَجَ النّبِيّ ﷺ إلَى بَدْرٍ خَرَجَ هُوَ وَقَيْسُ بْنُ مُحَرّثٍ، وَهُمَا عَلَى دِينِ قَوْمِهِمَا، فَأَدْرَكَا النّبِيّ ﷺ بِالْعَقِيقِ، وَخُبَيْبٌ مُقَنّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَعَرَفَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ، فَالْتَفَتَ رسول الله ﷺ إلى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَهُوَ يَسِيرُ إلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ بِخُبَيْبِ بْنِ يَسَافٍ؟ قَالَ: بَلَى! قَالَ: فَأَقْبَلَ خُبَيْبٌ حَتّى أَخَذَ بِبِطَانِ [(١)] نَاقَةِ النّبِيّ ﷺ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: وَلِقَيْسِ بْنِ مُحَرّثٍ- يُقَالُ قَيْسُ بْنُ الْمُحَرّثِ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ- مَا أَخْرَجَكُمَا مَعَنَا؟ قَالَا: كُنْت ابْنَ أُخْتِنَا وَجَارَنَا، وَخَرَجْنَا مَعَ قَوْمِنَا لِلْغَنِيمَةِ. فقال رسول الله ﷺ: لَا يَخْرُجَن مَعَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عَلَى دِينِنَا. قَالَ خُبَيْبٌ: قَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنّي عَظِيمُ [(٢)] الْغِنَاءِ فِي الْحَرْبِ، شَدِيدُ النّكَايَةِ، فَأُقَاتِلُ مَعَك لِلْغَنِيمَةِ وَلَنْ أُسْلِمَ! قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: لَا، وَلَكِنْ أَسْلِمْ ثُمّ قَاتِلْ. ثُمّ أَدْرَكَهُ بِالرّوْحَاءِ فَقَالَ: أَسْلَمْت لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ، وَشَهِدْت أَنّك رَسُولُ اللهِ. فَسُرّ رسول الله ﷺ بذلك، وَقَالَ: امْضِهِ! وَكَانَ عَظِيمَ الْغِنَاءِ فِي بَدْرٍ وَغَيْرِ بَدْرٍ وَأَبَى قَيْسُ بْنُ مُحَرّثٍ أَنْ يُسْلِمَ وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمّا قَدِمَ النّبِيّ ﷺ مِنْ بَدْرٍ أَسْلَمَ، ثُمّ شَهِدَ أُحُدًا فَقُتِلَ. قَالُوا: وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَصَامَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمّ رَجَعَ وَنَادَى مُنَادِيهِ: يَا مَعْشَرَ الْعُصَاةِ، إنّي مُفْطِرٌ فَأَفْطِرُوا! وَذَلِكَ أَنّهُ

[(١)] البطان للقتب: الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير. (الصحاح، ص ٢٠٧٩) . [(٢)] فى ب: «عظيم القدر والغناء» .

1 / 47