77

المغاز

محقق

مارسدن جونس

الناشر

دار الأعلمي

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٩/١٩٨٩.

مكان النشر

بيروت

قَالَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ، فَلَمّا جَاءَ النّفِيرُ أَبَى أُمَيّةُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ إلَى بَدْرٍ، فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. وَأَبُو جَهْلٍ، وَمَعَ عُقْبَةَ مِجْمَرَةٌ فِيهَا بَخُورٌ، وَمَعَ أَبِي جَهْلٍ مُكْحُلَةٌ وَمِرْوَدٌ، فَأَدْخَلَهَا عُقْبَةُ تَحْتَهُ وَقَالَ: تَبَخّرْ، فَإِنّمَا أَنْتَ امْرَأَةٌ! وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: اكْتَحِلْ، فَإِنّمَا أَنْتَ امْرَأَةٌ! قَالَ أُمَيّةُ: ابْتَاعُوا لِي أَفْضَلَ بَعِيرٍ فِي الْوَادِي. فَابْتَاعُوا لَهُ جَمَلًا بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نَعَمِ بَنِي قُشَيْرٍ، فَغَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَصَارَ فِي سَهْمِ خُبَيْبِ بْنِ يَسَافٍ [(١)] . قَالُوا: وَمَا كَانَ أَحَدٌ مِمّنْ خَرَجَ إلَى الْعِيرِ أَكْرَهَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الحارث ابن عَامِرٍ، وَقَالَ: لَيْتَ قُرَيْشًا تَعْزِمُ عَلَى الْقُعُودِ، وَأَنّ مَالِي فِي الْعِيرِ تَلِفَ، وَمَالَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَيْضًا. فَيُقَالُ: إنّك سَيّدٌ مِنْ سَادَاتِهَا، أَفَلَا تَزَعَهَا [(٢)] عَنْ الْخُرُوجِ؟ قَالَ: إنّي أَرَى قُرَيْشًا قَدْ أَزْمَعَتْ عَلَى الْخُرُوجِ، وَلَا أَرَى أَحَدًا بِهِ طِرْقٌ [(٣)] تَخَلّفَ إلّا مِنْ عِلّةٍ، وَأَنَا أَكْرَهُ خِلَافَهَا، وَمَا أُحِبّ أَنْ تَعْلَمَ قُرَيْشٌ مَا أَقُولُ الْآنَ، مَعَ أَنّ ابْنَ الْحَنْظَلِيّةِ رَجُلٌ مَشْئُومٌ عَلَى قَوْمِهِ، مَا أَعْلَمُهُ إلّا يُحْرِزُ [(٤)] قَوْمَهُ أَهْلَ يَثْرِبَ. وَلَقَدْ قَسَمَ مَالًا مِنْ مَالِهِ بَيْنَ وَلَدِهِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى مَكّةَ. وَجَاءَهُ ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَتْ لِلْحَارِثِ عِنْدَهُ أَيَادٍ، فَقَالَ: أَبَا عَامِرٍ، رَأَيْت رُؤْيَا كَرِهْتهَا، وَإِنّي كَالْيَقْظَانِ [(٥)] عَلَى رَاحِلَتِي، وَأَرَى كَأَنّ وَادِيَكُمْ يَسِيلُ دَمًا مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ. قَالَ الْحَارِثُ: مَا خَرَجَ أَحَدٌ وَجْهًا مِنْ الْوُجُوهِ أَكْرَهَ لَهُ مِنْ وَجْهِي هَذَا. قَالَ: يَقُولُ ضَمْضَمٌ لَهُ: وَاَللهِ، إنّي لَأَرَى أَنْ تَجْلِسَ. فقال الحارث: لو سمعت هذا منك

[(١)] كذا فى كل النسخ، وفى ابن إسحاق: «خبيب بن إساف» . (السيرة النبوية، ج ٢، ص ٣٤٩) . وهو ما أثبته ابن عبد البر أيضا. (الاستيعاب، ص ١٦٤) . [(٢)] فى ح: «أفلا تردعها» . [(٣)] به طرق: أى به قوة. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٢٥٧) . [(٤)] فى ب: «إلا يحذر» . [(٥)] فى ب: «وإنى أراك كاليقظان» .

1 / 36