المغاز
محقق
مارسدن جونس
الناشر
دار الأعلمي
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٩/١٩٨٩.
مكان النشر
بيروت
تصانيف
السيرة النبوية
وَبَكّيهِمْ وَلَا تَسَمِي [(١)] جَمِيعًا ... وَمَا لِأَبِي حُكَيْمَةَ مِنْ نَدِيدِ [(٢)]
عَلَى بَدْرٍ سَرَاةِ بَنِي هُصَيْصٍ ... وَمَخْزُومٍ وَرَهْطِ أَبِي الْوَلِيدِ
أَلَا قَدْ سَادَ بعدهم رجال ... ولولا يوم بدر لَمْ يَسُودُوا
أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزّنَادِ قَالَ: سَمِعْت أَبِي يُنْشِدُ: تَصَاغَرَتْ الْخُدُودُ.
وَلَا يُنْكِرُ الْجُدُودُ.
قَالُوا: وَمَشَى نِسَاءُ قُرَيْشٍ إلَى هِنْدِ بنت عتبة فقأن: أَلَا تَبْكِينَ عَلَى أَبِيك وَأَخِيك وَعَمّك وَأَهْلِ بَيْتِك؟ فَقَالَتْ: حَلْقَى [(٣)]، أَنَا أَبْكِيهِمْ فَيَبْلُغُ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ فَيَشْمَتُوا بِنَا، وَنِسَاءُ بَنِي الْخَزْرَجِ! لَا وَاَللهِ، حَتّى أَثْأَرَ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ، وَالدّهْنُ عَلَيّ حَرَامٌ إنْ دَخَلَ رَأْسِي حَتّى نَغْزُوَ مُحَمّدًا. وَاَللهِ، لَوْ أَعْلَمُ أَنّ الْحُزْنَ يُذْهِبُ مِنْ قَلْبِي بَكَيْت، وَلَكِنْ لَا يُذْهِبُهُ إلّا أَنْ أَرَى ثَأْرِي بِعَيْنِي مِنْ قَتَلَةِ الْأَحِبّةِ. فَمَكَثَتْ عَلَى حَالِهَا لَا تَقْرَبُ الدّهْنَ، وَمَا قَرِبَتْ فِرَاشَ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ يَوْمِ حَلَفَتْ حَتّى كَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ.
وَبَلَغَ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ، وَهُوَ فِي أَهْلِهِ، وَقَدْ كَانَ شَهِدَ مَعَهُمْ بَدْرًا، أَنّ قُرَيْشًا بَكَتْ عَلَى قَتْلَاهَا، فَقَدِمَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَقَدْ خَفّتْ أَحْلَامُكُمْ، وَسَفِهَ رَأْيُكُمْ، وَأَطَعْتُمْ نِسَاءَكُمْ، وَمِثْلُ قَتْلَاكُمْ يُبْكَى عَلَيْهِمْ؟
هُمْ أَجَلّ مِنْ الْبُكَاءِ، مَعَ أَنّ ذَلِكَ يُذْهِبُ غَيْظَكُمْ عَنْ عَدَاوَةِ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ الْغَيْظُ عَنْكُمْ إلّا أَنْ تُدْرِكُوا ثَأْرَكُمْ مِنْ عَدُوّكُمْ. فَسَمِعَ أبو سفيان بن حرب كَلَامَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ، غُلِبْت وَاَللهِ! مَا نَاحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ عَلَى قَتِيلٍ لَهَا إلَى الْيَوْمِ، وَلَا بَكَاهُنّ شاعر إلّا
[(١)] لا تسمى: أراد «لا تسأمى» فنقل حركة الهمزة إلى السين ثم حذف الهمزة (شرح أبى ذر، ص ١٦٣) .
[(٢)] النديد: الشبيه والمثل. (شرح أبى ذر، ص ١٦٣) .
[(٣)] حلقى: أى حلقها الله، يعنى أصابها وجع فى حلقها خاصة. (النهاية، ج ١، ص ٢٥١) .
1 / 124