86

المغانم المطابة في معالم طابة

الناشر

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

تصانيف

هذا الذي قد حارت العقول بأسرها فيه، وعجزَتْ عن إدراكِ حقيقته حتى بلغ في العجز إلى حدٍّ يقول: هل لهذا ماهِيَّةٌ؟ ولا ماهِيَّةَ له. وإلى مثل هذه الحقيقة بصر الإنسان في نومه وبعد موته، فترى الأعراضَ صورًا قائمةً بنفسها تُخاطبه ويُخاطبها لا يَشُكُّ فيها، فالأنبياء صلوات الله عليهم في عالم البرزخِ أكملُ وأتَمُّ شأنًا في جميع أحوالهم مما كانوا عليه في الدنيا (^١). ولما كان نبيُّنا محمدٌ ﷺ خاتَمهم الذي ظهرَ بدايةً جسمًا وروحًا عند انتقال حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر، لكن كان الحكم له باطنًا أولًا في جميع ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ثم صار الحكْمُ له ظاهرًا، فنسخَ كلَّ شيء أبرزَهُ الاسمُ الباطنُ بِحكمِ الاسم الظَّاهِرِ؛ لبيان اختلافِ حكمِ الاسْمَيْنِ. وإن كان الْمُشروعُ واحدًا وهو صاحِبُ الشرعِ، فإنه قال: «كُنْتُ نبيًا /١٤ وآدمُ بين الماء والطين» (^٢) وما قال: كنتُ إنسانًا، ولا كُنْتُ مخلوقًا، ولا موجودًا، ولَيستِ النُّبوَّةُ إلا بالشرع المقرَّرِ عليه مِنْ عند الله تعالى، فإنه صاحِبُ النُّبوةِ قبل وُجُودِ الأنْبِيَاءِ (^٣) الذين هم

(^١) الصواب أننا نسير مع الدليل في كل أمر من أمور الغيب ولانتجاوز ذلك. (^٢) قال السيوطي في اللآلئ المنثورة ص ١٩٢: وهذا اللفظ لاأصل له. وانظر: تمييز الطيب رقم:١٠٥٠، المقاصد الحسنة رقم:٨٢، كشف الخفا ٢/ ١٣٢. … لكن المأثور ما روي عن ميسرة الفجر أنهم قالوا: يارسول الله، متى كنت نبيًا؟ قال: كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد. أخرجه أحمد ٥/ ٥٩، وأبو نعيم في الحلية ٩/ ٥٣، وابن سعد ٧/ ٦٠ وغيرهم. … وله شاهد من حديث أبي هريرة ﵁. أخرجه الترمذي، في المناقب، باب في فضل النبي ﷺ، رقم:٣٦٠٩ وقال: هذا حديث حسن صحيح. (^٣) روى الإمام أحمد في المسند ٤/ ٦٦، ١٢٨، وغيره عن العرباض بن سارية عن النبي ﷺ قال: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينه» وهو ضعيف. انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة: ٢٠٨٥.

1 / 87