معدن الجواهر
محقق
السيد أحمد الحسيني
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٩٤ هجري
كتاب معدن الجواهر ورياضة الخواطر تصنيف الشيخ الفاضل أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي قدس الله روحه ونور ضريحه بمحمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وسلم تسليما كثيرا آمين رب العالمين
صفحة ١٧
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد ولى الكرم ومولى النعم وفاتق الأذهان لاظهار الحكم ومطلق الألسن بأنواع الكلم وصلواته على المبعوث رحمة للأمم وكاشفا للظلم سيدنا محمد رسول الله أفضل العرب والعجم وخير من أرشد واعلم وعلى آله الطاهرين وسلم.
هذا كتاب جمعت فيه من جواهر الألفاظ ودررها وعيون المعاني وغررها، ما فيه نفع لمن انتفع وعلم لمن وعى وجمع جعلته فصولا مبوبة في عشرة اقسام مرتبة على ترتيب توالى الآحاد ونظم تأليف الاعداد وقد سلك غيري هذا النمط فاختصر وفي هذا الكتاب زيادة ما ذكر وعلى كل باذل استطاعته والعلم لا يدرك غايته
صفحة ١٩
* (باب ما جاء في واحد) * قال سيدنا الله صلى الله عليه وآله أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود (1) ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى قال الله ان أكرمكم عند الله أتقاكم (2).
وقال صلى الله عليه وآله: خصلة من لزمها اطاعته الدنيا والآخرة وربح الفوز بقرب الله تعالى في دار السلام. قيل: وما هي رسول الله قال التقوى. قال:
من أراد أن يكون أعز فليتق الله ثم تلا ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب (3).
وقال صلى الله عليه وآله: فقيه واحد الاسلام أشد على الشيطان (4) من الف عابد.
وقال صلى الله عليه وآله الكلمة الواحدة من الحكمة يسمعها الرجل فيقولها أو يعمل بها خير من عبادة سنة.
وقال صلى الله عليه وآله: خلة من ضمنها لي ضمنت له على الله عز وجل الخيرة جميع أموره. قيل: وما هي يا رسول الله قال؟: الرضا فإنه ما يرضى رجل (5) بقضاء الله إلا جعل الله له الخيرة.
وقال صلى الله عليه وآله خلة من كانت فيه أدرك منزله الصائم القائم المجاهد في سبيل الله قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: حسن الخلق.
وقال صلى الله عليه وآله لا يجزى ولد والده إلا بشئ واحد وهو ان يجده مملوكا فيشتريه ويعتقه.
وقال رجل له صلى الله عليه وآله علمني يا الله خصلة تجمع لي خير
صفحة ٢١
الدنيا والآخرة قال: لا تكذب قال الرجل: فكنت خلال يكرهها الله تعالى فتركتها خوفا من أن يسألني سائل هل عملت كذا فافتضح أو اكذب فأكون قد خالفت رسول الله فيما دلني عليه.
وجاء عن أمير علي عليه السلام أنه قال: خصله من عمل بها كان من أقوى الناس قيل: وما هي يا أمير قوله المؤمنين قال: التوكل الله عز وجل.
وقال عليه السلام أفضل العبادة واحد وهو العفاف.
وقال رجل لاحد الأئمة عليهم السلام: يا بن رسول الله علمني ما يجمع لي خير الدنيا والآخرة ولا تطل على. قال عليك بشئ واحد وترك الغضب.
وروى عنهم عليهم السلام: ان أصل خير في الدنيا (1) شئ واحد وهو الخوف من الله عز وجل.
وقيل لبعضهم: ما أعجب الأشياء قال: شئ واحد وهو قلب عرف الله ثم عصاه.
وقال بعض العلماء: أشقى الناس رجل واحد وهو من كفى أمر دنياه ولم ويهتم بدينه.
وقال اغنى الناس رجل واحد وهو من عين نصيبه من الله عز وجل.
وقيل لبعضهم: من أعظم الناس قدرا؟ قال: رجل واحد وهو من يجعل الدنيا لنفسه خطرا. وقيل: هو الذي لا يبالي بالدنيا في يد من كانت وأجود الناس رجل واحد وهو من جاد من قلة واخذ ذلك من قول النبي صلى الله عليه وآله أفضل الصدقة جهد المقل. وأسوء الناس حالا رجل واحد وهو من لا يثق بأحد لسوء ظنه ولا يثق به أحد لسوء نظره وأصبر الناس رجل واحد وهو الذي لا يفشى سره إلى صديقه مخافة يقع بينهما فيفشيه. وأعجز الناس رجل واحد وهو المفرط في طلب الاخوان. واعز الأشياء شئ واحد وهو أخ يوثق بعقله ويسكن إلى غيبه.
وقال أحد الفضلاء : أحب الأشياء إلي شئ واحد وهو الافضال على الاخوان. وقيل لاخر: أي الأشياء به أشد فرحا. فقال شئ واحد وهو قوتي
صفحة ٢٢
على مكافأة من أحسن إلى. وقيل له: ما أفضل الأعمال؟ قال: شئ واحد وهو ادخال السرور على قلب مؤمن.
وسئل حكيم عن البخل والجبن والحرص؟ فقال: الجميع طبيعة واحدة ويجمعهن شئ واحد وهو سوء الظن.
وقيل: ما أضر بالانسان من شئ واحد وهو لجاجته في الباطل وشئ أقعد به عن مكرمة من شئ واحد وهو صغر همته.
وقال بعض الحكماء: امتحنت خصال الناس فوجدت أشرفها خصلة واحدة وهي صدق اللسان فمن عدم الصدق من منطقه فقد فجع بأكرم أخلاقه. وأقبح القبائح شئ واحد وهو الكذب. وابتداء منازل الحمد شئ واحد وهو السلامة من الذم. وأعظم ما على الانسان من الضرر شئ واحد وهو قلة علمه بعيوبه.
وقيل لحكيم: ما أجل ما أفادك الدهر؟ فقال شئ واحد وهو العلم.
وقال أبو ذر جمهر: قد يغرس الحكيم جزءا واحدا من الحكمة يعيش بها ملوك كثيرة. وقيل: أي الخصوم ألد؟ فقال: خصم واحد وهو العمل السئ.
قيل: فما الأشياء؟ قال شئ واحد وهو ثمرة العمل الصالح.
وقيل لبعض الزهاد: دلنا على عظه واحدة تكون أبلغ العظات. فقال: النظر محلة الأموات.
وقال له رجل: أوصني. فقال: أوصيك بشئ واحد ان الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما.
وقيل: إنما لك من عمرك يوم واحد لأن أمسك قد خلا وغدك لم يأت فإن صبرت ليومك حمدت امرك وقويت على غدك وان عجزت عن يومك ذممت امرك وضعفت عن غدك.
وقال بعضهم: إنما بيني وبين الملوك واحد أما أمس فلا يجدون لذته
صفحة ٢٣
ولا أجد شدته وانى وإياهم من غد على وجل وإنما هو اليوم وما عسى أن يكون اليوم.
وقال: إنما ينتفع المرء عمره بالساعة التي هو فيها مع سرعة تقضيها فما أخيب امرى باع الخلود في النعيم بساعة وشيكة التصرم عائدة بأعظم الندم.
وأوصى حكيم ولده فقال: يا بني احذر خصلة واحدة تسلم واتبع خصلة واحدة تغنم: لا تدخل مداخل السوء تتهم واشكر تدم لك النعم. واعلم أن العز في خصلة واحده وطاعة الله والذل في خصلة واحدة وهي معصية الله والغنا في خصلة واحدة وهو الرضا بقسم الله والفقر في خصلة واحدة وهي استقلال نعم الله.
والناس يا بني يتفاضلون بشئ واحد وهو العقل ويتميزون بشئ واحد وهو العلم ويفوزون بشئ واحد وهو العمل ويسودون بشئ واحد وهو الحلم. فعليك يا في دينك بشئ واحد وهو الازدياد وفي دنياك بشئ واحد وهو الاقتصاد.
وقال حكيم آخر لتلميذه: اعلم أنه ليس أنصح لك من صديق واحد وهو عقلك ولا أغش عدو واحد وهو جهلك ولا أصدق من وافد واحد واجلك ولا اكذب من موعد واحد وهو أملك. فاحفظ دينك ودنياك بخصلة واحدة وهي العفاف وأغلب طارق النوائب بشئ واحد وهو حسن الصبر وأرح قلبك بشئ واحد وهو وترك الحسد وتزين بين الناس بشئ واحد وهو الكرم وتودد إليهم بشئ واحد وهو حسن الخلق واعلم أن أعلى منازل أهل الايمان درجة واحدة فمن بلغ إليها فقد فاز وظفر وهو أن تنتهى سريرته في الصلاح إلى لا يبالي بها إذا ظهرت و يخاف عقباها إذا استترت
صفحة ٢٤
* (باب ذكر ما جاء في اثنين) * سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله: العلماء رجلان رجل اخذ بعلمه فهو ناج ورجل تارك لعلمه فهو هالك.
وقال صلى الله عليه وآله: العلم علمان: علم في القلب فذاك العلم النافع وعلم على اللسان فذاك حجة الله على العباد. والعلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان.
وقال صلى الله عليه وآله: لا خير في العيش لرجلين: عالم مطاع ومستمع واع (1).
وقيل منهومان يشبعان: طالب علم وطالب دنيا.
وقال صلى الله عليه وآله: يهرم ابن آدم ويشب فيه اثنتان: الحرص وطول الامل.
واخذ حجرين فالقى بين يديه حجرا وقال: هذا أمل آدم والقى خلفه حجرا وقال: هذا اجله فهو يرى أمله ويرى اجله.
وقال صلى الله عليه وآله: الا أخبركم بأشقى الأشقياء؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من اجتمع عليه شيئان: فقر الدنيا وعذاب الآخرة.
وقال صلى الله عليه وآله خصلتان فوقهما من الخير شئ: الايمان بالله والنفع لعباد وخصلتان ليس فوقهما من الشر شئ الاشراك بالله والضرر لعباد الله.
وقال صلى الله عليه وآله: الناس اثنان فواحد استراح وآخر أراح فاما الذي استراح فعبد أطاع في حياته ثم مات فأفضى إلى رحمة الله ونعيم مقيم وأما الذي أراح فعبد عصى الله في حياته ثم مات فأفضى عقاب وعذاب وهوان اليم ولا يستوى من أفضى رحمة الله ومن أفضى إلى غضب الله.
وقال صلى الله عليه وآله: المؤمن بين مخافتين: بين اجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه وأجل قد بقي لا يدرى ما الله قاض فيه.
وقال صلى الله عليه وآله: لأبي ذر الا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان؟ فقال: بلى يا رسول الله. قال: عليك بحسن الخلق وطول
صفحة ٢٥
الصمت فوالذي نفس محمد بيده ما عملت الخلائق بمثلهما وخصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق.
وقال للاسبح العبدي: ان فيك خصلتين يحبهما ورسوله: الحلم والحياء.
وقال صلى الله عليه وآله: خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا ومن لم يكونا لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا: من نظر في دينه من فوقه فاقتدى به ونظر في دنياه إلى من دونه فحمد الله على ما فضله عليه به.
وقال صلى الله عليه وآله من كف عن شيئين وقاة الله شيئين: من كف لسانه عن اعراض المسلمين وقاه الله عثرته ومن كف غضبه وقاة عذابه.
وقال: اتقوا الله في الضعيفين: المرأة واليتيم.
وقال صلى الله عليه وآله نعمتان مغبون فيهما كثير الناس: الصحة والفراغ وسئل عن أكثر يدخل في النار؟ فقال الأجوفان البطن والفرج.
قال أمير المؤمنين عليه السلام الناس في الدنيا رجلان: رجل ابتاع نفسه فاعتقها ورجل باع نفسه فأوثقها.
وقال عليه السلام أفضل العبادة شيئان: الصبر وانتظار الفرج.
وقال عليه السلام: قصم ظهري رجلان: عالم متهتك وجاهل متنسك هذا يضل (1) الناس عن علمه بتهتكه ويدعوهم إلى جهله بتنسكه.
وقال عليه السلام: أشد بلاء وأعظمهم عناء من بلى بشيئين: بلسان مطلق وقلب مطبق فهو لا يحمد ان سكت ولا يحسن ان نطق.
وقال عليه السلام: لن يعدم الأحمق خلتين: كثره الالتفات وسرعة الجواب يعنى سرعته (2) بغير عرفان.
وقال عليه السلام: يهلك رجلان: محب غال ومبغض قال (3).
صفحة ٢٦
وقال الحسن بن علي عليه السلام: المروءة في شيئين: اجتناب الرجل ما يشينه واختياره ما يزينه.
وقال الصادق عليه السلام لسفيان الثوري: يا سفيان خصلتان من لزمهما دخل الجنة قال: وما هما يا رسول الله؟ قال: احتمال ما يكره إذا أحبه الله وترك ما يحب إذا أبغضه الله فاعمل بهما وشريكك.
وقال الباقر عليه السلام: ما من خطوه أحب من خطوتين: خطوة يشد بها صفا في سبيل الله وخطوة ذي رحم قاطع وما من جرعة أحب الله من جرعتين:
جرعة غيظ ردها مؤمن بحلم وجرعة مصيبة ردها مؤمن بصبر. ومن قطرة أحب إلى الله من قطرتين: قطرة دم في سبيل وقطرة دمع في سواد الليل لا يريد بها إلا عز وجل.
وقال عليه السلام: الخرق شيئان: العجلة قبل الامكان والدالة على السلطان.
وسئل أحد الأئمة عليهم السلام (1) عن تفسير الحسنتين المذكورتين في الله عز وجل ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة (2) ان الحسنة في الدنيا شيئان طيب المعاش وحسن الخلق والحسنة في الآخرة شيئان رضوان الله والجنة.
وقال رجل لأحدهم: عظني يا بن رسول الله فقال لا تحدث نفسك بشيئين بفقر ولا بطول عمر فإنه حدث نفسه بالفقر بخل ومن حدث نفسه بطول العمر حرص.
ووعظ أبو ذر الغفاري رحمة الله رجلا فقال له: ان لك في مالك شريكين الحادث والوارث فإن استطعت ان لا تكون أخسر (3) الشركاء فافعل.
ولقى حكيم حكيما فقال له: عظني وأوجز. عليك بشيئين: لا يراك الله من حيث نهاك ولا يفقدك حيث امرك.
ووجدت هذا الفصل عن الصادق عليه السلام.
وقال لقمان لابنه : يا بني أنهاك عن شيئين الكسل والضجر فإنك إذا كسلت: لم تؤد حقا وإذا ضجرت لم تصبر على حق
صفحة ٢٧
ووعظ رجل رجلا فقال: استعملوا عباد الله الصبر حالتين: اصبروا على عمل لا غنى بكم عن ثوابه واصبروا عمل لا صبر لكم على عقابه.
وقيل اثنان يستحقان البعد: من لا يؤمن بالمعاد ومن لا يضبط نفسه عن المحارم والعبد بين شيئين لا يصلحهما إلا شيئان هو بين نعمه وذنب لا يصلحهما إلا الحمد والاستغفار.
وقيل لراهب يبكيك؟ قال شيئان قله اعتداد (1) الزاد وطول سفر المعاد.
وشيئان يزيدان في الحسنات وهما الهم والحزن. وشيئان يزيدان في السيئات وهما الأشر والبطر (2).
وقيل لعابد: كيف أصبحت؟ قال: بين نعمتين: رزق موفور وذنب مستور وقيل: ان للدنيا فضيلتين: هي أفصح المؤذنين وأبلغ الواعظين.
وقال بعض الحكماء: أروح الأشياء للبدن شيئان: الرضا بالقضاء والثقة بالقسم.
وقيل: الموت موتان موت الأجساد وموت الأنفس فاما موت الأجساد فعند مفارقة الروح وأما موت الأنفس فعند مفارقة العقل لها.
وقيل ينبغي للعاقل يتخذ مرآتين فينظر من إحداهما في مساوئ نفسه فيتصاغر بها ويصلح ما استطاع منها وينظر من الأخرى في محاسن فيتحلى بها ويكتسب ما استطاع منها.
وقيل من أخلاق المؤمن شيئين هما (3) لا يشمت بالمصاب ولا ينابز بالألقاب.
وقيل: المروءة شيئان الانصاف والتفضل. وشيئان يعمران الديار ويزيدان في الاعمار: حسن الخلق وحسن الجوار وقيل: إذا قدم شيئان سقط شيئان قدمت المصيبة سقطت التعزية وإذا قدم الإخاء سقط الثناء.
صفحة ٢٨
وقال بعض العقلاء: الناس رجلان: عالم فلا أماريه وجاهل أجاريه.
وقال آخر: النبل شيئان: صديق أماريه وعدو أداجيه (1).
وقيل: ان العرب تستدل بشيئين اللحظة واللفظة وشيئان لا ينفكان عن الكذب كثره المواعيد وشدة الاعتذار وما تقربت المرأة إلى الله تعالى بمثل شيئين طاعة زوجها ولزوم بيتها وأطيب الروائح ريحان (2) ريح جسد تحبه وريح ولد تمر به.
وقيل: عذابان لا يعرف قدرهما من ابتلى بهما: السفر الشاسع والبنا الواسع.
وقيل لرجل: ما اللذة؟ فقال: شيئان ترك الحيا واتباع الهوى. فقيل له: (3) هذه لذه لا تنفك من شيئين: عاجل العار وآجل النار.
وقيل: ليس يحتمل الشر إلا رجلان: رجل آخره يرجو ثوابا ورجل دنيا (4) يصون حسبا.
وقال عبد الملك بن مروان يوما لعبد الله بن زيد بن خالد: ما مالك؟ فقال: شيئان لا عيلة على معهما: الرضا عن الله والغنا عن فلما. نهض من عنده قيل له: هلا أخبرته بمقدار مالك؟ قال: خشيت من أحد شيئين: أما أن يكون قليلا فيحقرني وأما أن يكون كثيرا فيحسدني.
ورؤى على رجل جبه صوف فقيل له: ما حملك على لبسها؟ فسكت فقيل له: لم سكت؟ فقال انا بين حالتين: أخاف أن أقول زهدا فأزكي نفسي وأكره أن أقول فقرا فاذم ربى وأوصى حكيم ولده فقال: يا بني ان أردت الخلاص فعليك بشيئين: لا تضع عندك إلا في حقه ولا تأخذ ما ليس لك إلا بحقه تحصن يا بني من الساعي عليك (5) بشيئين بالمداراة وحسن المعاشرة فإنك لا تعدم أحد شيئين: أما صداقة تحدث بينكما تؤمنك شره وأما فرصة تظفرك (6) به. ولا تلاعب رجلين فتكون مفتونا:
صفحة ٢٩
الشريف فيحتقرك واللئيم فيجترئ عليك. وكن أشد حذرا من رجلين: الصديق الغادر والعدو الفاجر.
واختبر أخاك عند حالتين: نائبه تنوبك ونعمة تحدث له فإنهما الحالتان اللتان تختبر بهما الاخوان فتكشف خيارهم النظرة والاغتباط وشرارهم عن الجفوة والحسد وتعرف عدوك بشيئين إذا رأى بك نعمة بهت وإذا ظهر منك على عثرة شمت.
وقد نظرت يا بني فلم أجد الدنيا أقل من شيئين. درهم حلال ينفق في حقه واخ الله يسكن إلى غيبه فعليك باخلاق الفاضلين في أمور والدنيا والدين. والزم الشرف وهو شيئان: كف الأذى وبذل الندى.
وعليك بالسخاء وهو سخاءان: سخاوة نفس المرء يملك وسخاوة نفسه عما في أيدي الناس.
واعلم الكرم شيئان: التقوى وطيب النفس واللؤم شيئان: الفجور وخبث النفس. والجود شيئان: التبرع بالمال والعطية قبل السؤال. والعجز عجزان:
التقصير في تناول أمر وتيسر والجد في طلبه وقد تعذر. والصبر صبران: صبر على ما تكره فيما يلزمك الرأي وصبر عما تحب يدعوك إليه الهوى.
صفحة ٣٠
* (باب ذكر ما جاء في ثلاثة) * روى أن في بعض كتب الله تعالى: من عافيته من ثلاثة أكملت نعمتي عليه: من أغنيته عن مال أخيه وعن سلطان يأتيه وطبيب يستشفيه.
وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة تجب لهم الرحمة: غنى قوم افتقر وعزيز قوم ذل وعالم تتلاعب به الجهال وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق والمنان ومدمن الخمر ومدمنها هو الذي متى وجدها شربها.
وقال عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم يستيقظ والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق.
وقال عليه السلام: حبب إلى من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة.
وقال عليه السلام: ان الله كره لكم ثلاثا: العبث في الصلاة والرفث في الصيام والضحك في المقابر وقال عليه السلام: ان الله تعالى يرضى لكم ثلاثا ويكره ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وان تعتصموا بحبله جميعا ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاه الله امركم ويكره كثره القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
وقال عليه السلام: ان أشد ما أتخوف على أمتي من بعدي ثلاث خلال: أن تتأولوا القرآن غير تأويله وتتبعوا زلة العالم وأن يظهر فيهم المال فيطغوا.
وسأنبئكم بالمخرج ذلك أما القرآن فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأما العالم فلا تتبعوا زلته يعنى لا تقتدوا به وأما المال فان المخرج منه شكر النعمة (1).
وقال صلى الله عليه وآله: ما من عبد إلا وله ثلاثة اخلاء: فاما خليل فيقول
صفحة ٣١
ما أنفقت فلك وما أمسكت فليس فذلك ماله وأما خليل فيقول انا معك فإذا اتيت باب الملك ذهبت وتركتك فذاك أهله وحشمه وأما خليل فيقول معك حيث دخلت وحيث خرجت فذاك عمله فيقول كنت لاهون الثلاثة على.
وأوصى رسول الله صلى الله عليه وآله أبا ذر رحمة عليه بثلاث فقال: نبه بالفكر قلبك وجاف عن النوم جنبك واتق الله ربك.
وقال: أكثروا من ذكر ثلاث تهن عليكم المصائب: أكثروا من ذكر الموت ويوم خروجكم من القبر وقيامكم بين يدي ربكم عز وجل.
وقال عليه السلام: ثلاث مهلكات وثلاث منجيات فالمهلكات شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه وأما المنجيات فخشية في السر والعلانية والقصد في الغنى والفقر والعدل في الرضا والغضب.
وقال عليه وعلى آله السلام: ومن وقى شر ثلاثة فقد وقى الشر كله لقلقه وقبقبه وذبذبه لقلقه لسانه وقبقبه بطنه وذبذبه فرجه.
وقال صلى الله عليه وآله: ثلاث من كن فيه فقد تمت مروءته: من تفقه في دينه واقتصد في معيشته وصبر على النائبة إذا نابته.
وقال صلى الله عليه وآله: ثلاث والذي نفسي بيده كنت لحالف عليهن:
لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا ويعفو عبد عن مظلمة يبتغى بها وجه الله تعالى الا رفعه الله تعالى بها يوم القيامة ولا يفتح عبد على نفسه باب مسالة إلا فتح عليه باب فقر فاستعفوا.
وقال صلى الله عليه وآله: عرض على أول ثلاثة يدخلون وأول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار: فأول ثلاثة يدخلون الجنة الشهيد وعبد أحسن عبادة الله ونصح لسيده ورجل فقير كثير العيال عفيف متعفف وأول ثلاثة يدخلون النار أمير متسلط ليس بمقسط وفقير فجور وذو ثروة من المال يؤدي حق ماله.
وعاد صلى الله عليه وآله سلمان الفارسي رضي الله عنه فقال له: شفاك الله من علتك وعافاك في مده اجلك يا سلمان ان لك في مرضك ثلاث خصال:
أول خصلة ذكر الله تعالى إياك والثانية يكفر عنك خطاياك والثالثة انه نبهك بالدعاء فادع يا سلمان فإنك تشفى وتعافى.
وقال صلى الله عليه وآله: ان العبد لا يخطئه من الدعاء أحد ثلاث: أما
صفحة ٣٢
ذنب يغفر وأما خير معجل وأما خير يؤجل.
وقال صلى الله عليه وآله: ثلاثة لا يعادون صاحب الدمل والرمد والضرس.
وقال صلى الله عليه وآله: المجالس بالأمانة ثلاث مجالس مجلس سفك فيه دم حرام ومجلس استحل فرج حرام ومجلس استحل فيه مال بغير حقه.
ونزل عليه صلى الله عليه وآله بمكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة وهي ثلاثة فقال خذ العفو وأمر بالعرف واعرض الجاهلين (1).
وهو أن تصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وتعطى من حرمك.
وقال عليه السلام: ثلاثة يجلبن الفقر: الاكل على جنابة والمرأة الصخابة (2) واليمين الفاجرة وثلاثة إذا كانوا في بيت لم يلجه ملك ما دام منهم شئ:
كلب وخيانة وصورة ذي روح.
وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال يا العلم ان لكل شئ علامة بها يشهد له وعليه وللدين ثلاث علامات الايمان بالله وبكتبه ورسله وللعلم ثلاث علامات المعرفة بالله عز وجل وبما يحب ويكره وللعمل ثلاث علامات الصلاة و الزكاة والصوم وللمتكلف ثلاث علامات ينازع فوقه ويقول ما لا يعلم ويتعاطى مالا ينال وللظالم ثلاث علامات يظلم فوقه بالمعصية ومن دونه بالغلبة ويظاهر الظلمة وللمنافق ثلاث علامات يخالف لسانه قلبه وقوله فعله وسريرته علانيته وللمرائي (3) ثلاث علامات يكسل إذا وحده وينشط إذا كان مع غيره ويحرص على كل أمر يعلم فيه المدحة وللغافل ثلاث علامات اللهو والسهو والنسيان.
وروي عنه عليه السلام أنه قال المعروف ثلاث خصال قال: هو أزكى الزرع وأوثق الحصون وأفضل الكنوز. غير أنه لا يصلح إلا بثلاث خصال: تعجيله وتصغيره وستره. فإنك إذا عجلته أهلته وإذا صغرته عظمته وإذا سترته تممته.
وقال عليه السلام: المؤمن المصيب يفعل ثلاثا: من يترك الدنيا قبل أن
صفحة ٣٣
تتركه ويبنى قبره ان يدخله ويرضى ربه قبل ان يلقاه وقال عليه السلام: ثلاث من لم يكن فيه لم يجد طعم الايمان حلم يرد به جهل كل جاهل وورع يحجزه عن المحارم وخلق يدارى به الناس وكان عليه السلام قد منع الناس بالكوفة من القعود على الطريق فكلموه في ذلك فتركهم بعد أن شرط عليهم ثلاث خصال: غض الابصار ورد السلام وارشاد الضال.
وروي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال ثلاث منجيات للمؤمن كف لسانه عن واغتيابهم وشغله بما ينفعه لدنياه وآخرته وطول بكائه على خطيئته.
وقال الباقر عليه السلام: كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث عيون: عين سهرت سبيل الله وعين فاضت من خشية الله وعين غضت محارم الله.
وقال الصادق عليه السلام: ثلاثة معهن غربه: كف الأذى والأدب ومجانبة الريب.
وقال عليه السلام: من غضب عليك ثلاث مرات ولم يقل فيك سوءا فاتخذه لنفسك خليلا.
وروي عن العالم عليه السلام (1) أنه قال: الخير كله في ثلاث خصال: في النظر والسكوت والكلام: فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو لهو وكل سكوت ليس فيه فكر فهو سهو وكل كلام ليس فيه ذكر (2) فهو لغو.
وروي عنه عليه السلام أنه قال: ثلاث خصال من كن فيه أو واحده منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: من أعطى الناس من نفسه ما سائلهم لها ومن لم يقدم رجلا حتى يعلم أن ذلك لله عز وجل فيه (3) رضى ومن لم يعب أخاه بعيب حتى ينفى ذلك العيب عن نفسه فإنه لا ينفي عنها عيبا الا بدا له عيب وكفى بالمرء شغله عن الناس.
وروي عن المسيح عليه السلام أنه ذم المال فقال: فيه ثلاث خصال. قيل: وما هي
صفحة ٣٤
يا روح الله؟ قال: يكسبه المرء غير حله فان هو كسبه من حله منعه من حقه فان هو وضعه في حقه شغله اصلاحه عن عبادة ربه.
وروي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال: أبكتني ثلاث وأضحكتني ثلاث فأما الثلاث المبكيات: ففراق رسول الله صلى الله عليه وآله والهول عند غمرات الموت والوقوف بين يدي الله عز وجل. وأما المضحكات فغافل بمغفول عنه وطالب دنياه والموت يطلبه وضاحك ملء لا يدري ضحكه رضى لله عز وجل أم سخط.
ووعظ أبو ذر الغفاري رحمة الله عليه عمر بن الخطاب فقال له عليك يا عمر بثلاث: ارض بالقوت وخف الفوت واجعل صومك الدنيا وفطرك الموت.
وقال عبد الله بن عباس رحمه الله: ان الله تعالى حرم أذى ثلاثة: كتابه الذي هو حكمته نطق وانزله وبيته الذي جعله مثابة للناس وامنا وعترة رسول الله صلى الله عليه وآله. فأما الكتاب فمزقتم وخرقتم وأما البيت فخربتم وهدمتم وأما العترة فشردتم وقتلتم.
وروى انس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يقول الله تعالى: لولا رجال خشع وصبيان رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا.
وقال معاوية بن أبي سفيان لخالد بن المعتمر: علام حبك لعلى أبي طالب؟
فقال: أحبه على ثلاث: حلمه إذا غضب وصدقه إذا قال ووفائه إذا وعد.
ذكر أن إبليس لعنه الله قال: إذا أنا ظفرت من ابن آدم بثلاث لم أطالبه بغيرهن:
إذا أعجب (1) بنفسه واستكثر عمله ونسي ذنوبه.
وقال الأحنف: مهما كان عندي فيه من أناة (2) فلا أناة عندي في ثلاث: في الصلاة إذا حضرت حتى أؤديها لوقتها وفي الميت إذا مات ان أواريه وفي المرأة إذا جاءها كفؤها ان أزوجها.
وقالت الفرس: ثلاث خلال ينبغي للعاقل ان يضيعهن (3) بل يجب ان يحث عليهن نفسه وأقاربه ومن اطاعه: عمل يتزوده لمعاده وعلم طب يذب به (4) عن
صفحة ٣٥
جسده وصناعة يستعين بها في معاشه.
وقيل: لو ثلاث خصال ما وضع ابن آدم رأسه لشئ ابدا ومعهن لوباب (1) الموت والمرض والفقر.
وقيل: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه ثلاث خصال: فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره عيوبه.
وقال بعض الحكماء لرجل: الا أعلمك ثلاثة أبواب من الحكمة تنتفع بها؟
قال: بلى. قال أعلمك علما لا تتعايى فيه العلماء سئلت عما لا تعلم فقل الله ورسوله أعلم وأعلمك علما تتعايى فيه الأطباء وهو إذا أكلت طعاما فارفع يدك وأنت تشتهيه وأعلمك حكما لا تتعايى فيه الحكماء وهو إذا جلست إلى قوم فلا تبدأهم بالكلام حتى تسمع يقولون فإن خاضوا في خير خضت معهم وإن كان ذلك قد سلمت من شرهم.
وقال بوذرجمهر (2): ما ورثت الاباء الأبناء خيرا من ثلاثة أشياء: الأدب النافع والاخوان الصالحون والثناء الجميل.
وقال العباس بن عبد المطلب لابنه: يا بني لا تعلم العلم لثلاث خصال: لتمارى به ولترائى ولتباهى به ولا تدعه لثلاث خصال: لرغبه في الجهل ولزهد في العلم ولاستحياء من التعلم وقال عباس رحمة الله عليه: قال لي انى (3) أرى أمير المؤمنين يدنيك دون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قال: فاحفظ عنى ثلاثا: لا تتحدثن كذبا ولا تغتابن عنده أحدا ولا تفشين سرا وروي أن بعض الملوك استصحب علي بن زيد الكاتب فقال له على:
انى (4) أصحبك على ثلاث خلال. قال ما هي؟ قال: لا تهتك له (5) سترا ولا تشتم له (6) عرضا ولا تقبل في قول قائل حتى ترى. قال: هذه لك فمالي
صفحة ٣٦
عندك؟ قال ثلاث لا أفشي لك سرا ولا ادخر عنك نصحا ولا أوثر عليك أحدا.
قال: نعم الصاحب استصحبت أنت.
ومن كلام لقمان لابنه: يا بني ثلاثة لا تعرفهم عند ثلاثة: لا تعرف الحليم إلا عند الغضب ولا الشجاع عند الحرب ولا أخاك إلا عند الحاجة.
وقال آخر: حق أخيك عليك أن تحمل له ثلاثا: ظلم الغضب وظلم الدالة وظلم الهفوة.
وقال أرسطاطاليس (1) بلغني: عنك انك عتبتني فقال له: ما بلغ من قدرك عندي أن أدع لك خلة ثلاث: أما علما أعمل فيه فكري أو عملا صالحا لاخرتي أو لذة في غير ذات محرم أعلل بها نفسي.
وأوصى حكيم ولده فقال: يا بني احفظ عنى ثلاثة وقر أباك تطل أيامك وقر أمك ترى لبنيك بنينا ولا تحد النظر إلى والديك فتعقهما.
واعلم يا بني أن الأيام ثلاثة: أمس يوم ماض لم يكن وغد يوم منتظر كان قد أتى واليوم مقيم بغنيمة الأكايس لتزود الخيرات وتقطعه الفجرة بالأماني مع أنها ليست أيام ولكنها ساعات وليست بساعات ولكنها أوقات أقل من ارتداد الطرف.
وفي كتب الحكمة انها ثلاثة أيام أمس موعظة وأجل واليوم غنيمة وعمل وغد اجتهاد وأمل واعلم أن الناس في الدنيا بين ثلاثة أحوال حسنات وسيئات ولذات وفي الآخرة بين ثلاثة أحوال درجات ودركات ومحاسبات فمن عمل في الدنيا بالحسنات نال في الآخرة الدرجات ومن ترك في الدنيا السيئات نجا الآخرة من الدركات ومن هجر في الدنيا اللذات خلص الآخرة من المحاسبات.
واعلم يا بني ان انصف من جمع ثلاثا تواضعا عن رفعه وزهدا عن قدرة وانصافا قوة وعليك بالقنوع ففيه ثلاث خلال: صيانة النفس
صفحة ٣٧
وعز القدر وطرح مؤن الاستكبار ولا تضع المعروف ثلاثة: اللئيم فإنه بمنزلة السبخة والفاحش فإنه يرى أن الذي صنعت إليه إنما هو مخافة لفحشه والأحمق فإنه يعرف ما أسديت إليه.
واعلم أن الشكر ثلاث منازل: هو لمن فوقك بالطاعة ولنظيرك بالمكافأة ولمن دونك بالافضال ولا تطلب حاجتك يا بني من ثلاثة: لا من كذاب فإنه يقربها (1) بالقول ويباعدها بالفعل ولا من أحمق فإنه يريد ينفعك فيضرك ولا ممن له أكلة من جهة رجل فإنه يؤثر أكلته على حاجتك وإياك يا بني والكذب فان المرء لا يكذب إلا من أحد ثلاثة أشياء: أما لمهانة نفسه لسخافة رأيه أو لغلبة جهله واحذر مشاورة ثلاثة الجاهل والحاسد وصاحب الهوى.
واعلم أن ثلاثة أفضل ما كان لا غناء بهم عن ثلاثة: أحزم ما يكون الرجل لا غنى به عن مشاورة ذوي الرأي وأعف ما تكون المرأة لا غنى بها عن الزوج وأوفر ما تكون الدابة لا غنى عن الوسط. وثلاث هن للكافر مثل ما هن للمسلم:
من استشارك فانصح له ومن ائتمنك على أمانة فأدها ومن كان بينك وبينه رحم فصلها وقيل لاعرابي: ما تفتنهم (2) من أميرك؟ فقال: ثلاث خلال: يفضى بالعشوة ويطيل النشوة (3) ويقبل الرشوة.
وقيل لثلاثة مجتمعين: السرور فقال الأول منهم السرور مجتمع في ثلاث: امرأة حسناء ودار قرور (4) وفرس مرتبط.
وقال الثاني: السرور مجتمع ثلاث: لواء منشور وجلوس على السرير والسلام أيها الأمير. وقال الثالث: السرور مجتمع في ثلاث: رفع الأولياء وحط الأعداء وطول البقاء مع القدرة والنماء.
صفحة ٣٨