معارج القدس
الناشر
دار الآفاق الجديدة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٩٧٥
مكان النشر
بيروت
تظاهر الْعقل وَالشَّرْع وافتقار أَحدهمَا الى الآخر
اعْلَم أَن الْعقل لن يَهْتَدِي إِلَّا بِالشَّرْعِ وَالشَّرْع لم يتَبَيَّن إِلَّا بِالْعقلِ فالعقل كالأس وَالشَّرْع كالبناء وَلنْ يُغني أس مَا لم يكن بِنَاء وَلنْ يثبت بِنَاء مَا لم يكن أس
وَأَيْضًا فالعقل كالبصر وَالشَّرْع كالشعاع وَلنْ يُغني الْبَصَر مَا لم يكن شُعَاع من خَارج وَلنْ يُغني الشعاع مَا لم يكن بصر فَلهَذَا قَالَ تَعَالَى ﴿قد جَاءَكُم من الله نور وَكتاب مُبين يهدي بِهِ الله من اتبع رضوانه سبل السَّلَام ويخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور بِإِذْنِهِ﴾
وَأَيْضًا فالعقل كالسراج وَالشَّرْع كالزيت الَّذِي يمده فَمَا لم يكن زَيْت لم يحصل السراج وَمَا لم يكن سراج لم يضىء الزَّيْت وعَلى هَذَا نبه الله سُبْحَانَهُ بقوله تَعَالَى الله نور السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَى قَوْله ﴿نور على نور﴾ فالشرع عقل من خَارج وَالْعقل شرع من دَاخل وهما متعاضدان بل متحدان وَلكَون الشَّرْع عقلا من خَارج سلب الله تَعَالَى اسْم الْعقل من الْكَافِر فِي غير مَوضِع من
1 / 57