وكذلك قال تبارك وتعالى في الديات، فقال: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} [البقرة:178]، (فقال سبحانه: {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان})(1)، فقال: {عفي} يريد من القتل(2) إلى الدية، فأمر(3) بأداء الدية إلى من عفى، إذا قبل الدية وأرادها. ثم قال سبحانه في موقع آخر: {فدية مسلمة إلى أهله} [النساء:92]، في قتل الخطأ فأوجب الدية. وقال في موضع آخر: {والجروح قصاص} [المائدة:45]، فجعل في جروح العمد القصاص، وجعل القود(4) في قتل العمد، وجعل الديات في جروح الخطأ، فأنزل ذكر ذلك في الكتاب مجملا، ولم يجعله مشروحا مفسرا، ثم بينه على لسان نبيه وفسره، وجعل الدية ألف مثقال في أهل الذهب، وعشرة آلاف درهم قفلة في أهل الدراهم، وجعلها ألفي شاة في أهل الغنم، وجعلها مائتي بقرة في أهل البقر، ومائة من الإبل في أهل الإبل، ثم سننها وبينها على لسان نبيه عليه السلام، ثم لم يكن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك شيء إلا البيان، والأداء عن الله بإحسان.
صفحة ٦٥٥