معاني القرآن وإعرابه
محقق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٨ هـ
سنة النشر
١٩٨٨ م
مكان النشر
بيروت
فبكى بناتي شَجْوَهُن وزوْجَتِي. . . والطامِعُونَ إليَّ ثم تَصَدَّعُوا
* * *
وقوله ﷿: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (٢٦)
إنْ قال قائل: ما معنى ذكر هذا المثل بعقب ما وعد به أهلُ الجَنةِ وما
أعد للكافرين؛ قيل يتصل هذا بقوله: (فَلاَ تَجْعَلوا للَّهِ أندادا) لأن اللَّه
﷿ قال: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا).
وقال: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا) فقال الكافرون: إن إلَهَ محمدٍ يضْربُ الأمثَالَ بالذُّبَاب، والعَنْكَبُوتِ.
فقال اللَّه ﷿: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا).
أيْ، لِهَؤلاءِ الأنداد الذين اتخذتُمُوهُمْ مين دُونِ اللَّهِ، لأن هَذَا في
الحقيقة مَثلُ هَؤُلاءِ الأنْدَادِ.
فأما إعراب (بَعُوضةً) فالنصبُ من جِهَتين في قَوْلنَا، وذكر بعض
النحويين جهةً ثالثة، فأما أجْوَدُ هذِه الجِهَاتِ فأنْ تَكونَ ما زائدة مؤَكدة، كأنه قال: إنَّ الله لا يستحيي أن يضرب بَعُوضة مَثلًا، وَمَثلًا بَعوضَةً، وما زائدة مؤَكدة نحو قوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ من اللَّهِ لِنْتَ لَهم) المعنى فَبرحمة من الله
1 / 103