145

معاني القرآن وإعرابه

محقق

عبد الجليل عبده شلبي

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الأولى ١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت

ما كانت تتلوه، والذي كانت الشياطين تلته في ملك سليمان كتاب من
السحر فَلِبهتِ اليهود وكَذِبِهم ادعَوْا أن هذا السحر أخذوه عن سليمان وأنه اسم الله الأعظم، يتكسَّبُون بذلكَ، فأعلم اللَّه ﷿ أنهم رفضوا كتابه واتبعوا السحر، ومعنى على (ملك سليمان)، على عهد ملك سليمان
(عَلَيْهِم) فبرأ اللَّه ﷿ سليمانَ من السحر، وأظهر محمدًا ﷺ عَلَى كذبهم
وقال: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ).
لأن اللَّه جعل الإتيان من سليمان بالسحر كفرًا فبرَّأهُ منه، وأعلم أن الشياطين كفروا فقال: (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا)
(يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)
فمن شدد (لَكِنَّ) نصب الشياطين، ومن خفف رفع
فقال: (وَلَكِنِ الشيَاطِينُ كَفَرُوا) وقد قرئ بهما جميعًا.
وقوله ﷿: (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ).
وقد قريءَ على الملِكَيْنِ، و(المَلَكَيْنِ) أثْبتُ في الرواية والتفسير
جميعًا، المعنى يعلمون الناس السحرَ ويعلمون ما أنزلَ على الملكين فموضع
(ما) نصب، نَسق على السحْر، وجائز أن يكونَ واتبعوا ما تَتْلُو الشياطين واتَبعوا ما أنزل على الملكين، فتكون ما - الثانية عطفًا على الأولى.
وقوله: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ).
فيه غير قول: أحدها - وهو أثبتها أن الملكين كانا يعلمان الناس
السحر. وعلمتُ، وأعْلَمْتُ جميعًا في اللغة بمعنى واحد. (كانا يعلمان) نَبأ
السحر ويأمران باجتنابه - وفي ذلك حكمة لأن سائلًا لو سأل: ما الزنا وما

1 / 183