140

معاني القرآن وإعرابه

محقق

عبد الجليل عبده شلبي

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الأولى ١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

مكان النشر

بيروت

الموت أحرص الناس على حياة.
ومعنى (لَتَجِدَنَّهُمْ) لَتَعْلَمَنَّهَم.
وَمَعْنى (وَمِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا) أي وَلَتَجِدَنَهُمْ أحْرَصَ من الذين أشركوا، وهذا نهاية في التمثيل.
والذين أشركوا هم المجوس ومن لا يُؤمن بالبعث.
* * *
وقوله ﷿: (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ).
ذكرت الألْفُ لأنها - نهايةُ ما كانت المجوس - تدْعُو به لمُلوكها - كان الملك
يُحَيَّا بأن يقال عش ألفَ نَيْبُروزٍ وَألْفَ مِهْرَجَانٍ.
يقول فهؤُلاءِ الذين يزعمون أن لهم الجنة، وأنَّ نعيم الجنة له الفضل
لاَ يتمنون - الموت وهم أحرص مِمَّن لا يُؤمن بالبعث، وكذلك يجب أن يكون هُؤلاءِ لأنهم كُفَّار بالنبي ﷺ وهو عِنْدهُم حق، فيعلمون أنهم صائرون إِلى النارِ لا محالة، فهم أحْرصُ لهذه العلة، ولأنهم يعلمون أنهم لو تمنوا الموت لماتوا، لأنهم علموا أن النبي ﷺ حق لولا ذلك لما أمسكوا عن التمني، لأن التمني من واحد
منهم كان يثبت قولهم.
وإِنما بالغنا في شرح هذه الآيات لأنها نهاية في الاحتجاج في تثْبِيتِ أمْرِ
النبي ﷺ.
* * *
وقوله ﷿: (وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ).
هذا كناية عن (أحدهم) الذي جرى ذكره، كأنه قال: وما أحدهم
بمزحزحه من العذاب تعميره، ويصلح أن تكون " هو " كناية عما جرى ذكره - من طول العمر، فيكون: وما تعميره بمزحزحه من العذاب، ثم جعل - أن يعمر مبنيًا عن " هو " كأنَّه قال: ذلك الذي ليس بمزحزحه
(أن يعمر).

1 / 178