معالم القربة في طلب الحسبة

ابن الأخوة ت. 729 هجري
149

معالم القربة في طلب الحسبة

الناشر

دار الفنون «كمبردج»

[الْبَاب الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ فِي الحسبة عَلَى الحمامات وقوامها وذكر منافعها ومضراتها] يَأْمُرُهُمْ الْمُحْتَسِبُ بِإِصْلَاحِهَا وَنَضَاجَةِ مَائِهَا وَقِوَامِهَا وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ الْحَمَّامَاتِ مَا قَدِمَ بِنَاؤُهُ، وَاتَّسَعَ هَوَاؤُهُ وَعَذُبَ مَاؤُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الطَّبِيعِيَّ لِلْحَمَّامِ التَّسْخِينُ بِهَوَائِهِ وَالتَّرْطِيبُ بِمَائِهِ، فَالْبَيْتُ الْأَوَّلُ مُبَرَّدٌ مُرَطَّبٌ، وَالْبَيْتُ الثَّانِي مُسَخَّنٌ مُرَخٍّ وَالْبَيْتُ الثَّالِثُ مُسَخَّنٌ مُجَفَّفٌ، وَالْحَمَّامُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَنَافِعَ وَمَضَارَّ، فَأَمَّا مَنَافِعُهُ فَتَوَسُّعُ الْمَسَامِّ وَاسْتِفْرَاغُ الْفَضَلَاتِ وَتَحَلُّلُ الرِّيَاحِ، وَتَحَبُّسُ الطَّبْعِ إذَا كَانَتْ سُهُولَتُهُ عَنْ هَيْضَةٍ وَتَنَظُّفُ الْوَسَخِ وَالْعَرَقِ وَتَذَهُّبُ الْحَكَّةِ وَالْجَرَبِ وَالْإِعْيَاءِ وَتَرَطُّبُ الْبَدَنِ وَتَجَوُّدُ الْهَضْمِ وَتَنَضُّجُ النَّزَلَاتِ وَالزُّكَامِ وَتَمَنُّعُ مِنْ حُمَّى يَوْمٍ، وَمِنْ حُمَّى الدَّقِّ وَالرُّبْعِ بَعْدَ نُضْجِ خَلْطِهَا، وَأَمَّا مَضَارُّهَا، فَإِنَّهَا تُرْخِي الْجَسَدَ وَتُضْعِفُ الْحَرَارَةَ عِنْدَ طُولِ الْمَقَامِ فِيهَا، وَتُسْقِطُ شَهْوَةَ الطَّعَامِ، وَتُضْعِفُ الْبَاهَ وَأَعْظَمُ مَضَارِّهَا صَبُّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَى الْأَعْضَاءِ الضَّعِيفَةِ، وَقَدْ.

1 / 154