المبدأ والمعاد
محقق
قدمه وصححه : الأستاذ السيد جلال الدين الآشتياني
الإصدار
الثالثة
سنة النشر
1422 - 1380ش
يسمع وبصره الذي به يبصر ويده التي بها يبطش ورجله التي بها يمشي فقد تحقق لها حينئذ التخلق بأخلاق الله تعالى بالحقيقة لا بمعنى صيرورة صفاته التي هي عين ذاته أعراضا قائمة بذات النفس بل بمعنى علاقة أخرى شديدة أتم من علاقة النفس مع البدن وصفاته الكونية الهيولانية.
وتمام الاطلاع على هذا المقام يحتاج إلى سلوك طريقة الأبرار لا الاقتصار على مجرد الأبحاث والأنظار.
فصل في أن القوة التي هي محل المعقولات من الإنسان ليست جسمانية قد علمت أن تعقل الشيء هو وجود ماهية مجردة عن التخصصات والأوضاع والأغشية واللواحق للقوة المدركة سواء كانت مجردة عنها بحسب ذاته في نفسه أو تجريد الغير إياه. وعلى أي حال لا يجوز أن يكون قوة جسمية أي قائمة في مادة تدرك صورة عقلية.
فإن كل قوة يكون ذاتها جسمانية تكون أفعالها وانفعالاتها أيضا جسمانية.
فالصور التي يدركها القوة الجسمانية تكون حاصلة في مادة تلك القوة وكل صورة حصلت في مادة جسمية تكون متخصصة بوضع وجهة وكم وكيف فلم يكن كلية مطلقة محمولة على أعداد كثيرة متخالفة الأوضاع والأحوال فتكون محسوسة لا معقولة هذا خلف.
وأيضا كل ما يحل فيه المعقولات المطلقة من الأنواع والأجناس كالإنسانية المعقولة والحيوانية المعقولة لو انقسم لزم بانقسامه انقسام تلك المعقولات وإذا نفرض في المعنى المعقول شيء غير شيء فإما أن يتشابه الشيئان كما في القسمة المقدارية أو لا يتشابهان فإن يتشابها لزم أن يكون اثنينيتهما وتخالفهما ومخالفة كل
صفحة ٣٨٩