خاتمة أول الواجبات المعرفة في الأصح ومن عرف ربه تصور تبعيده وتقريبه فخاف ورجا فأصغى إلى الأمر والنهي فارتكب واجتنب فأحبه مولاه فكان سمعه وبصره ويده واتخذه وليا إن سأله أعطاه وإن استعاذ به أعاذه وعلى الهمة يرفع نفسه عن سفساف الأمور إلى معاليها ودنيء الهمة لا يبالي فيجهل ويمرق من الدين فدونك صلاحا أو فسادا أو سعادة أو شقاوة وإذا خطر لك شيء فزنه بالشرع فإن كان مأمورا فبادر فإنه من الرحمن فإن خفت وقوعه على صفة منهية بلا قصد لها فلا عليك واحتياج استغفارنا إلى استغفار لا يوجب تركه فاعمل وإن خفت العجب مستغفرا منه وإن كان منهيا فإياك فإنه من الشيطان فإن ملت فاستغفر وحديث النفس والهم ما لم تتكلم أو تعمل به مغفوران وإن لم تطعك الأمارة فجاهدها فإن فعلت فاقلع فإن لم تقلع لاستلذاذ أو كسل فاذكر الموت وفجأته أو لقنوط فخف مقت ربك واذكر سعة رحمته واعرض التوبة وهي الندم وتتحقق بالاقلاع وعزم أن لا يعود وتدارك ما يمكن تداركه والأصح صحتها عن ذنب ولو نقضت أو مع الإصرار على كبير ووجوبها عن صغير وإن شككت في الخاطر أمأمور أم منهي فأمسك ففي متوضئ يشك أن ما يغسله ثالثة أو رابعة قيل لا يغسل وكل واقع بقدرة الله وإرادته فهو خالق كسب العبد قدر له قدرة تصلح للكسب لا للايجاد فالله خالق لا مكتسب والعبد بعكسه، والأصح أن قدرته مع الفعل فهي لا تصلح للضدين وأن العجز صفة وجودية تقابل القدرة وتقابل الضدين وأن التفضيل بين التوكل ولاكتساب يختلف بإختلاف الناس فإرادة التجريد مع داعية الأسباب شهوة خفية وسلوك الأسباب مع داعية التجريد انحطاط عن الرتبة العلية، وقد يأتي الشيطان باطراح جانب الله تعالى في صورة الأسباب أو بالكسل في صورة التوكل والموفق يبحث عنهما ويعلم أنه لا يكون إلا ما يرد.
وقد تم الكتاب بحمد الله وعونه جعلنا الله به مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
صفحة ٣٧