هذا الذي ترك الأوهام حائرة = وصير العالم النحرير زنديقا والأصل هو : أي ما تقدم من إعياء مذاهب العاقل ورزق الجاهل، فعدل إلى الإشارة لكمال العناية بتمييزه ليرى السامعين أن هذا المعنى المتميز هو الذي له الحكم العجيب، وهو جعل الأوهام حائرة والعالم النحرير زنديقا أو السخرية والتهكم كما إذا كان السامع أعمى فقال:
من قام؟ فقلت له هذا مشيرا إلى مجهول أو مفقود تهكما به، أو إجهال السامع: أي نسبته إلى الجهل والبلادة حتى إنه لا يدرك إلا المحسوس كقول الفرزدق:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم = إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ومقتضى الظاهر هم.أو عكس ذلك وهو التعريض بفطانة السامع وذكائه حتى إن غير المحسوس عنده بمنزلة المحسوس كقولك مشيرا إلى معنى معقول: هذا مرادي. أو ادعاء كمال ظهور المسند إليه حتى كأنه محسوس كالمثال المتقدم باعتبار ادعاء كمال الظهور، وإن كان غير اسم الإشارة فالنكتة المدد أي الزيادة بنكتة هي التمكن أي زيادة تمكن المسند إليه وتقريره في نفس السامع نحو: جاء زيد وزيد فاضل، ومنه مثال المتن.
والصمد: هو الذي يصمد إليه ويقصد في الحوائج، أو لاستعطاف: أي طلب العطف والرحمة كقول الداعي: إلهي عبدك العاصي دعاك معترفا بذنبه فتب عليه توبة تمحو الأغيار من قلبه ومقتضى الظاهر أنا العاصي.
أو الإرهاب أي التخويف نحو {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} لم يقل أنا آمركم لأن في إظهار الاسم ترهيبا، ومنه مثال المتن لم يقل أنا واقف ترهيبا بإظهار لفظ الأمير.قال:
ومن خلاف المقتضى صرف مراد = ذي نطق او سؤل لغير ما أراد
صفحة ٥٧