والتعريف يكون على وجوه متفاوتة تتعلق بها أغراض مختلفة، أما تعريفه بالإضمار فلكون المقام مقام تكلم نحو: أنا ضربت، أو خطاب نحو: أنت ضربت، أو غيبة نحو: هو ضرب لتقدم ذكره إما لفظا تحقيقا نحو: جاء زيد وهو راكب، أو تقديرا نحو: جاء وهو راكب زيد، وإما معنى لدلالة لفظ عليه نحو اعدلوا هو أقرب للتقوى، فضمير هو راجع للعدل المفهوم من اعدلوا أو قرينة حال نحو حتى توارت بالحجاب فسياق الكلام الدال على فوات وقت الصلاة مع قرينة ذكر العشي والتواري بالحجاب يدل على أن الضمير راجع للشمس وإما حكما نحو ضمير الشأن وضمير رب نحو قل هو الله أحد، وربه وجلا.
وأصل الخطاب أن يكون لمعين واحدا كان أو أكثر؛ لأن وضع المعارف على أن تستعمل لمعين، وقد لا يقصد به معين ليعم كل مخاطب على سبيل البدل نحو: فلان لئيم إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، لا تريد به مخاطبا بعينه بل تريد إن أكرم أو أحسن إليه، ومنه قوله تعالى {ولو ترى إذ وقفوا على النار} ونحوه أخرج على صورة الخطاب ليعم، إذ المراد أن حالهم تناهت في الظهور بحيث لا تختص براء دون آخر فلا يختص بالخطاب مخاطب دون مخاطب بل كل من تتأتى منه الرؤية فله مدخل فيه .
فإن قلت: إن هذا مشكل من جهة أنه يزيل اختصاص الضمير ويجعله شائعا فيكون نكرة، والضمير لا يكون إلا معرفة.
الجواب: أنه جمع بين الحقيقة والمجاز فخوطب الجميع ليكون الخطاب لواحد حقيقة ولغيره مجازا، ولا يضرنا عدم التعين في الخارج، لأن التعين مطلق، وقوله والترك: أي ترك التعين مستبين: أي ظاهر لأجل الشمول
قال:
وكونه بعلم ليحصلا = بذهن سامع بشخص أولا
تبرك تلذذ عناية = إجلال او إهانة كناية
أقول: من مرجحات كون المسند إليه علما -أي شخصيا-:
صفحة ٤٣