وأما تسمية الثالث بالبديع فلبحثه عن المحسنات ولا شك في بداعتها وظرافتها.
وأما تسمية الفنون الثلاثة بالبيان فلأن البيان هو المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير ولا شك في تعلق الثلاثة به تصحيحا وتحسينا. وأما تسمية الفنين الأخيرين بالبيان فلتغليب حال الفن الثاني على الثالث والأول بالمعاني لما تقدم. وأما تسمية الفنون الثلاثة بالبديع فلأنه لا خفاء في بداعتها وظرافة لطائفها والله أعلم.
الفن الأول
علم المعاني
قدمه على علم البيان لكونه منه بمنزلة المفرد من المركب، لأن رعاية المطابقة لمقتضى الحال التي هي ثمرة علم المعاني معتبرة في علم البيان مع شيء آخر، وهو إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة كالتعبير عن اتصاف زيد بالكرم بزيد كثير الرماد، جبان الكلب مهزول الفصيل قال :
علم به لمقتضى الحال يرى = لفظ مطابقا وفيه ذكرا
إسناد مسند إليه مسند = ومتعلقات فعل تورد
صفحة ٢٤