[12]
كتاب الطهارة
وهي بفتح الطاء الفعل، وبضمها فضل ما يتطهر به، وقد وردت تارة في إزالة الأدناس الحسية، وتارة في إزالة الأدناس المعنوية، فوجب أن نجعل حقيقة في القدر المشترك، وهو مطلق النقي من الدنس دفعا للمجاز والاشتراك.
وهي قسمان: عينية وحكمية، فالعينية: إزالة النجاسة، والحكمية: ثلاثة أنواع: وضوء، وغسل، وبدل منهما، وهو التيمم، ويلحق في البدلية المسح على الخفين، وعلى الجبيرة.
حكمها: أما العينية، فستأتي في محلها إن شاء الله تعالى، وأما الحكمية، فهي واجبة بنص الآية عند وجود السبب والشرط وانتفاء المانع، فالسبب إرادة الصلاة أو مس المصحف أو نوم الجنب على أحد القولين، والشرط أهلية التكليف، والمانع كالحيض والنفاس، وهي شرط في صحة الصلاة، وقد أبعد من رآها شرطا في الوجوب، وإن كان لا يوجد نص ولو كانت شرطا في الوجوب لما عصى أحد بترك الصلاة، لكن العصيان واقع بالإجماع ، فلا يكون شرطا في الوجوب.
حكمة مشروعيتها: تدريب النفس على مكارم الأخلاق والتأدب مع الملك الخلاق، إذ ينبغي للعبد أن يقف بين يدي مولاه حسن الهيئة، طيب الريح، خليا عن الوصف القبيح، وهي مراتب أولها طهارة الظاهر عن الأدناس الحسية والمعنوية، وطهارة الجوارح عن الآثام والأجرام، وطهارة الصدر عن الأخلاق الذميمة، كالغل والحسد وما أشبه ذلك، وطهارة القلب بإخراج ما سوى الله تعالى وإليه الإشارة بقوله تعالى: {إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء: 89].
ولنبدأ أولا بالوضوء، ثم الغسل، ثم التيمم والمسح على الخفين وعلى الجبيرة، ثم بإزالة النجاسة، ثم باللواحق، وهي هاهنا الأحداث، فإن الفقهاء يسمونها نواقض، وما ينقض الشيء غير داخل في ماهيته، ويتصل بذلك موانع الحدث.
[12]
***
صفحة ٩