الأحداث البشرية السابقة على الزلزال، ثم يستنتج أن المذبحة التي ارتكبها أهل المدينة، مثلًا، قبل الزلزال كانت سببًا في وقوعه.
وقد قدم عالم الاجتماع الأمريكي جراهام سَمنَر نظريته فيما أسماه ب «الطرق الشعبية» أو «العادات الشعبية» folkways، التي ترد الأحكام الأخلاقية إلى مظاهر لا عقلية في أساسها، لقوى اجتماعية هي ذاتها غير عقلية، هذه الطرق الشعبية هي عادات شعبية مستقلة عن أفكارنا عنها، ولا تسير حسب قواعد معقولة، وهي لا تتفق إلا مع المزاج أو الموقف العام لزمانها ومكانها المعينين، ولها ما يمكن أن يُعد حياةً خاصة بها، ذلك أن سمنر يرى أنها تولد وتكبر وتموت ولا يمكن أن يؤثر فيها تأثيرًا يُذكر إلا قوى قليلة (منها التعليم)، (^١) من هذه الطرق ما هو ناتج عن استدلال خاطئ، وبخاصة خطأ «السبب الزائف»، يقول سمنر: إنَّ الطرق الشعبية قد تكوَّنت بطريق المصادفة، أو بواسطة فعلٍ غير عقلاني وقائم على معرفةٍ زائفة، من ذلك أن وباء الطاعون لما تَفَشَّى في مولمبو Molembo عقب وفاة أحد البرتغاليين اتخذ الأهالي كل الاحتياطات الممكنة لكي لا يموت رجلٌ أبيض بعد ذلك في بلدهم، ومن ذلك ما حدث في جزر نيكوبار على أثر وفاة بعض من السكان الأصليين كانوا قد بدءوا لتوهم في مزاولة حرفة الخزف، إذ انفض الجميع عن مزاولة هذا الفن ولم يَقرَبه أحد بعد ذلك على الإطلاق، ومن ذلك ما حدث في إحدى قرى جنوب أفريقيا حين أهدى البيضُ رجلًا من البوشمن عصا مرصعة بالأزرار كرمزٍ للسيادة، إذ توفي الرجل وخلف العصا لابنه، وسرعان ما توفي الابن، فأعاد البوشمن العصا إلى من أهداها خشية أن يموت الجميع، وقد تصادف مرة أن انتشر الجدري بين شعب الياكات بعد أن شهدوا جَمَلًا لأول مرة، فوقر في ظنهم أن الجمل هو الذي أحدث المرض … وبوسعنا أن نجمع ما لا يُحصى من هذه الشواهد، وهي في الحقيقة تمثل الطريقة المتبعة في الاستدلال العقلي لدى الشعوب البدائية، فمن عادة هؤلاء الأقوام إذا حدث شيءٌ «بعد» شيء آخر أن يستدلوا من ذلك أنه حدث «بسببه». (^٢)
(^١) هنترميد: «الفلسفة، أنواعها ومشكلاتها» ترجمة: د. فؤاد زكريا، الطبعة الثانية، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، ١٩٧٥، ص ٣٧٦. (^٢) Sumner، W.G. "Ethics are Relative"، In James A.Gould (Ed.)، Classic Philosophical Questions، second edition، Charles E.Merrill Publishing Company، Howell Company، Columbus، Ohio ٤٣٢١٦، pp. ٨٤ - ٨٥.
1 / 125