فانه آت فى الأجناس الباقية ولا بالجنس بل يعم سائر الكليات فانها ايضا تعرض لماهيات مختلفة فان اقتضى اختلافها اختلاف العوارض كانت انواعا متوسطة والا كانت انواعا اخيرة قال الفصل الثالث فى مباحث النوع اقول لفظ النوع كان فى لغة اليونانيين موضوعا لمعنى الشي ء وحقيقته ثم نقل الى معنيين بالاشتراك احدهما يسمى حقيقيا والاخر اضافيا اما الحقيقى وهو المقول على كثيرين مختلفين بالعدد فقط فى جواب ما هو فالمقول على كثيرين جنس والمراد به ما هو اعم من المقول على كثيرين فى الخارج او الذهن على ما سبقت اليه الاشارة فى الجنس والا انتقض بنوع ينحصر فى شخص وقولنا بالعدد فقط يخرج الجنس وفى جواب ما هو الثلاثة الباقية واما الإضافى فهو الكلى الذي يقال عليه وعلى غيره الجنس فى جواب ما هو قولا اوليا فالكلي يجب ان يحافظ عليه لئلا يخلو الحد على الجنس ولإخراج الشخص وقولنا يقال عليه وعلى غيره الجنس فى جواب ما هو يخرج الكليات الغير المندرجة تحت جنس كالماهيات البسيطة واما التقييد بالقول الأولى فزعم الإمام انه للاحتراز عن النوع بالقياس الى الجنس البعيد اذ النوع لا يكون نوعا الا بالقياس الى جنسه القريب قال صاحب الكشاف هذا مخالف لحكمهم فانهم يجعلون نوع الانواع نوعا لكل ما فوقه من الأجناس بل الأولى ان يكون ذلك احتراز عن الصنف وهو النوع المقيد بقيود مخصصة كلية كالرومى والزنجى فانه لا يحمل عليه جنس ما بالذات بل بواسطة حمل النوع عليه فان حمل العالى على الشي ء بواسطة حمل السافل عليه ونحن نقول احد الامرين لازم اما ترك الاحتراز عن الصنف او الاحتراز عن النوع بالقياس الى الجنس البعيد لأنه ان اعتبر فى النوع ان يكون الجنس مقولا عليه بلا واسطة فالامر الثاني لازم ضرورة خروج النوع بالقياس الى الجنس البعيد عنه فان قول الجنس البعيد عليه بواسطة قول الجنس القريب وان لم يعتبر ذلك لم يخرج الصنف عن الحد فيلزم الامر الأول على ان اعتبار القول الاولى يخرج النوع عن مضايفة الجنس فان القول المعتبر فى الجنس اعم من ان يكون بواسطة او بالذات والاخص لا ينفهم مع الاعم وايضا تعريفه بالجنس المضايف له غير مستقيم والا لتقدم تعقله على تعقله فان قلت المراد به الجنس الطبيعى وتضايفه مع المنطقى فنقول من الابتداء المأخوذ فى التعريف اما الجنس الطبيعى او المنطقى واياما كان فالتعريف فاسد اما اذا كان منطقيا فظاهر واما اذا كان طبيعيا فلان الجنس الطبيعى هو معروض الجنس المنطقى فيتوقف معرفته الصنف الا بواسطة القول على النوع المقول عليه والأول يسمى نوعا حقيقيا وهذا اضافيا وهما متغايران لجواز تصور كل منهما بدون الاخر ولأن الأول مقيس الى ما تحته والثاني الى ما فوقه ولوجوب تركب الثاني من الجنس والفصل دون الأول ولتحقق الأول دون الثاني فى البسائط وبالعكس فى الاجناس المتوسطة
على معرفة الجنس المنطقى فيكون متقدما فى المعرفة على النوع الإضافى بمرتبتين وايضا يلزم تقوم النوع الإضافى المنطقى بالجنس الطبيعى وقد عرفت بطلانه وربما امكن التفصى عن هذا الاخير اذا تاملت فيه وبالجملة فالصواب ان يقال فى التعريف انه اخص كليين مقولين فى جواب ما هو ويزداد حسنا لو قيل الكلى الأخص من كليين مقولين فى جواب ما هو والنوعان متغايران من وجوه الأول انه يمكن تصور كل من مفهومهما مع الذهول عن الاخر وهو ظاهر والثاني أن الأول اى الحقيقى مقيس الى ما تحته بأنه مقول عليه فى جواب ما هو والثاني الى ما فوقه وهو الجنس مقول عليه وهذا لا يصلح للفرق لأن النوع الإضافى كما انه مقيس الى ما فوقه مقيس الى ما تحته اذ مفهومه لا يتحصل الا اذا اعتبر فيه نسبتان نسبة الى ما فوقه لأنه مقول عليه الجنس ونسبة الى ما تحته لاعتبار مفهوم الكلى فيه والكلى لا بد ان يلاحظ فى معناها النسبة الى كثيرين فهما مشتركان بالنسبة الى ما تحته فلا تكون فارقة نعم النسبة الى ما تحته المعتبرة فى الحقيقى هى النسبة الى الأشخاص والمعتبرة فى الإضافى اعم من ان يكون الى الاشخاص او الى الأنواع فالأولى فى الفرق ان يقال الإضافى اعتبر فيه نسبتان الى ما فوقه والى ما تحته والحقيقى ما اعتبر فيه الا نسبة واحدة هى اخص من النسبة الثانية او يقال مفهوم الاضافى لا يتحقق الا بالقياس الى ما فوقه ومفهوم الحقيقى يتحقق وان لم يعتبر قياسه الى ما فوقه الثالث ان الإضافى اذا نظر الى معناه اوجب تركبه من الجنس والفصل لاعتبار اندراجه تحت الجنس فيه بخلاف الحقيقى الرابع ان بينهما عموما وخصوصا من وجه فانهما قد يتصادقان معا كما فى النوع السافل وقد يصدق الحقيقى بدون الإضافى كما فى البسائط وبالعكس كما فى الأجناس المتوسطة ومنهم من ذهب الى ان الاضافى اعم مطلق من الحقيقى واحتج عليه بان كل حقيقى فهو مندرج تحت مقولة من المقولات العشر لانحصار الممكنات فيها وهى اجناس كل حقيقى اضافى وجوابه منع اندراج كل حقيقى تحت مقولة وانما يكون كذلك لو كان كل حقيقى ممكنا ومنع انحصار الممكنات فى المقولات العشر بل المنحصر اجناس الممكنات العالية على ما صرحوا به وقد اشار المصنف الى ابطال هذا المذهب متمسكا بالبسائط كواجب الوجود فانه ماهية كلته منحصرة فى شخص واحد منزهة عن التركيب وكالمفارقات والوحدة والنقطة فانها انواع حقيقية بسيطة فلا تكون اضافية وفيه نظر لأنه ان اريد بالواجب مفهومه اعنى العارض فهو ليس بنوع وان اريد به المعروض وهو ذات الله تعالى فلا نم ان له ماهية كلية بل ليس الا الشخص واما المفارقات والوحدة والنقطة فهى بسيطة خارجا
صفحة ٨٥