لو تحققتا لزم انعكاس الموجبة الكلية بعكس النقيض الى الموجبة الكلية والتالى باطل لما بينوا فى عكس النقيض اما الشرطية فلأن المحمول فى الموجبة الكلية اما ان يكون مساويا للموضوع او اعم مطلقا واياما كان يصدق نقيض الموضوع على كل ما صدق عليه نقيضه فلئن قلت نقيض ج بالفعل ليس ج دائما ونقيض ب بالضرورة مثلا ليس ب بالامكان فالقضية اللازمة كل ما ليس ب بالإمكان ليس ج دائما وهى ليست معتبرة اذ المعتبر فى الوصف العنوانى ان يكون بالفعل قلت كل ما ليس ب بالفعل ليس ب بالإمكان وهى مع القضية اللازمة تنتج العكس وهذا السؤال لا يرد على القدماء لأنهم ذاهبون الى الانعكاس ولا على المتاخرين لأنهم قادحون فى القاعدتين الثاني ان الإنسان مساو للضاحك ولا يصدق كل ما ليس بضاحك ليس بانسان لصدق قولنا بعض ما ليس بضاحك انسان لأن الموضوع معتبر بالفعل وكذلك الماشى اعم من الإنسان ويكذب كل ما ليس بماش ليس بانسان لصدق نقيضه والجواب ان الغلط انما وقع من اخذ النقيضين فان المساوى للإنسان هو الضاحك فى الجملة والاعم منه الماشى بالقوة ونقيضاهما اللاضاحك دائما واللاماشي بالضرورة وحينئذ يصدق النقيضان والحاصل ان رعاية شرايط التناقض فى اخذ (نقيضى) طرفى النسبة واجبة لترتب الاحكام ونقيض الاعم من وجه لا يجب ان يكون اعم من نقيض الاخر او اخص مطلقا او من وجه لأن نقيض الخاص قد يكون اعم من عين العام من وجه مع المباينة الكلية بين نقيض العام وعين الخاص واحترز بلفظة قد المفيدة لجزئية الحكم عن الأمور الشاملة فان نقيض الاخص منها لا يكون اعم منها بل بينهما مباينة جزئية لأنه اذا صدق كل من العينين بدون الاخر يصدق كل من النقيضين بدون النقيض الأخر ولا معنى للمباينة الجزئية بين الأمرين الا صدق كل منهما بدون الاخر فى الجملة وبين نقيضى المتباينين ايضا مباينة جزئية لأن نقيض كل منهما يصدق بدون نقيض الاخر ضرورة صدقه مع عين الأخر فان صدق مع نقيضه كان بينهما عموم وخصوص من وجه والا لكان بينهما مباينة كلية واياما كان يتحقق المباينة الجزئية وفيه استدراك لأنه لما كانت المباينة الجزئية صدق كل من الأمرين بدون الاخر فى بعض الصور وقد تبين صدق كل واحد من النقيضين بدون نقيض الأخر فقد ثبت بينهما المباينة الجزئية ولا احتياج الى باقى المقدمات قال الثالث مفهوم الحيوان مثلا غير كونه كليا اقول من المعلوم ان الحيوان من حيث هو فى نفسه معنى سواء كان موجودا فى الأعيان او متصورا فى الأذهان ليس بكلى وجزئي حتى او كان الحيوان لأنه حيوان كليا لم يكن حيوان شخصيا ولو كان لأنه حيوان جزئيا لم يوجد منه الا شخص واحد وهو الذي كان نقيضه بل الحيوان فى نفسه شي ء يتصور فى العقل حيوانا وبحسب تصوره حيوانا لا يكون الا حيوانا فقط وان تصور معه انه كلى او جزئى فقد تصور معنى زائد على الحيوانية ثم لا يعرض له من خارج انه كلى حتى يكون ذاتا واحدة بالحقيقة فى الخارج موجودة فى كثيرين نعم يعرض للصورة الحيوانية المعقولة نسبة واحدة الى امور كثيرة بها يحملها العقل على واحد واحد منها فهذا العارض هو الكلية ونسبة الحيوان اليه نسبة الثوب الى الأبيض فكما ان الثوب له معنى والأبيض له معنى لا يحتاج فى تعقله الى ان يعقل انه ثوب او خشب او غير ذلك واذا التأما حصل معنى اخر كذلك الحيوان ايضا معنى والكلى معنى اخر من غير ان يشار الى انه حيوان او انسان او غيرهما والحيوان الكلى معنى ثالث وقد استدل على التغاير بان كونه كليا نسبة تعرض للحيوان بالقياس الى افراده والنسبة لا تكون نفس احد المنتسبين فيكون الحيوان مغاير المفهوم الكلى وهما مغايران للمركب منهما ضرورة مغايرة الجزء الكل والأول هو الكلى الطبيعى لأنه طبيعة ما من الطبائع والثاني المنطقى لأن المنطقى انما يبحث عنه والثالث العقلى لعدم تحققه الا فى العقل وانما قال الحيوان مثلا لأن هذه الاعتبارات لا تختص بالحيوان ولا بمفهوم الكلى بل يعم ساير الطبائع ومفهومات الكليات من الجنس والنوع والفصل وغيرها حتى يحصل جنس طبيعى ومنطقى وعقلى وهكذا فى الغير على هذا جرت كلمة المتاخرين وفيه نظر لأن الحيوان من حيث هو لو كان كليا طبيعيا او جنسا طبيعيا لكان كليته وجنسيته الطبيعية لأنه حيوان فيلزم ان يكون الاشخاص كليات واجناسا طبيعية والنوع جلسا طبيعيا وايضا الكلى الطبيعى ان اريد به طبيعة من الطبائع حتى يكون الجنس الطبيعى والنوع الطبيعى وغيرهما كذلك فلا امتياز بين الطبيعيات وان اريد الطبيعة من حيث انها معروضة للكلية حتى يكون الجنس الطبيعى الطبيعة من حيث انها معروضة للجنسية وهكذا فى غيره فلا يكون الحيوان من حيث هو كليا طبعيا بل لا بد من قيد العروض فالكلي الطبيعى هو الحيوان لا باعتبار طبيعته بل من حيث انه اذا حصل فى العقل صلح ان يكون مقولا على كثيرين وقد نص عليه الشيخ فى الشفاء حيث قال اما الجنس الطبيعى فهو الحيوان بما هو حيوان الذي يصلح لأن يجعل العقول منه النسبة التي للجنسية فانه اذا حصل فى الذهن معقولا صلح لأن يعقل له الجنسية ولا يصلح لما يعرض متصورا من زيد هذا ولا المتصور من الإنسان فيكون طبيعة الحيوانية الموجودة فى الأعيان تفارق بهذا العارض طبيعة الإنسانية وطبيعة زيد فلئن قلت اذا اعتبرتم العارض فى الكلى الطبيعى لم يبق فرق بينه وبين العقلى فنقول اعتبار القيد مع شي ء يحتمل ان يكون بحسب عروضه له ويحتمل ان يكون بحسب الجزئية فهذا العارض معتبر فى العقلى والطبيعى والتحقيق يقتضى اذا قلنا الحيوان مثلا كلى ان يكون هناك اربعة مفهومات طبيعة الحيوان من حيث هى هى ومفهوم الكلى من غير اشارة الى مادة من المواد والحيوان من حيث انه يعرض له الكلية والمجموع المركب منهما فالحيوان من حيث هو هو ليس باحد الكليات وهو الذي يعطى ما تحته اسمه وحده وما يقال من ان الجنس الطبيعى كذلك فهو ليس من حيث انه جنس طبيعى بل من حيث هو هو اعنى مجرد الطبيعة الموضوعة للجنسية واما المنطقى فهو يعطى انواعه حده واسمه لا انواع موضوعه وهو فى تلك الحال معنى اذا اعتبر عروض الجنسية اياه كان جنسا طبيعيا ثم ان البحث عن وجود هذه الكليات وان كان خارجا عن الصناعة الا ان المتاخرين يتعرضون لبيان وجود الطبيعى منها على ما اصطلحوا عليه ويحيلون الآخرين على علم اخر زعما منهم بان ايضا حينئذ بعض مسائله فى نظر التعليم موقوف عليه مع كون ادنى التنبيه فى بيان وجوده كافيا بخلافهما ونحن نشرح ما ذكره المصنف ونضيف اليه شيئا مما سنح لنا عليه معيرا بمعيار تعقل مستقيم ونظر عن شوايب التقليد والتعصب سليم قال وجود الكلى الطبيعى فى الخارج يقينى لان الحيوان جزء هذا الحيوان الموجود فى الخارج وجزء الموجود موجود فالحيوان الذي هو جزئه اما الحيوان من حيث هو او الحيوان مع قيد فان كان الأول يكون الحيوان من حيث هو موجودا وان كان الثاني يعود الكلام فى الحيوان الذي هو جزئه ولا يتسلسل لامتناع تركب الحيوان الخارجى من امور غير متناهية بل ينتهى الى الحيوان من حيث هو وعلى تقدير التسلسل فالمطلوب حاصل لأن الحيوان جزء الحيوان الذي هو مع القيود الغير المتناهية ويمتنع ان يكون معه شي ء من القيود والا لكان ذلك القيد داخلا فيها وخارجا عنها فاذن الحيوان لا بشرط شي ء موجود فى الخارجى وهو الكلى الطبيعى واما قوله ونفس تصوره لا يمنع من الشركة فلا دخل له فى الدليل وانما اورده اشارة الى وجود الكلى فى الخارج فانه لما تبين ان الكلى الطبيعى موجود فى الخارج ولا شك انه بحيث اذا حصل فى العقل كان نفس تصوره لا يمنع من الشركة فقد وجد فى الخارج ما لا يمنع نفس تصوره من وقوع الشركة فيكون الكلى موجودا فى الخارج وعلى هذا لو قال فالكلى موجود بدون الطبيعى لكان انسب نعم لو اريد بالكلية الاشتراك بين الكثيرين وهى لا تعرض الطبيعة الا فى العقل كما اشرنا فى مبادى هذا البحث اليه وحينئذ لو قلنا الكلى موجود فى الخارج كان معناه ان شيئا موجودا فى الخارج لو حصل فى العقل عرض له الكلية على انهم لا يتحاشون عن القول بعروض الشركة فى الخارج حتى ان صاحب الكشف صرح بوجود الكلى فى ضمن الجزئيات فى الخارج مستدلا عليه بالدليل المذكور والمصنف فى مباحث الجنس سيمنع من منافاة التشخص لعروض الشركة واخر بما لا يحتمل المقام بيانه ونحن نقول ان اردتم بقولكم الحيوان جزء هذا الحيوان انه جزئه فى الخارج فممنوع بل هو اول المسألة وان اردتم انه جزئه فى العقل فلا نسلم ان الاجزاء العقلية يجب ان تكون موجودة فى الخارج سلمناه لكنه منقوض بالصفات العدمية فان العمى مثلا جزء هذا الأعمى الموجود فى الخارج مع انه ليس بموجود فيه سلمناه لكن نختار ان الحيوان الذي هو جزئه الحيوان مع قيد اخر ويمنع لزوم التسلسل وانما يلزم لو كان جزئه الحيوان مع قيد اخر وهو ممنوع بل الحيوان مع ذلك القيد بعينه على انه لو ثبت كون الحيوان جزء من هذا الحيوان لكفى فى اثبات المط لأن الكلى الطبيعى ليس الا الحيوان فباقى المقدمات مستدرك والذي يخطر بالبال هناك ان الكلى الطبيعى لا وجود له فى الخارج وانما الموجود فى الخارج هو الاشخاص وذلك بوجهين احدهما انه لو وجد الكلى الطبيعى فى الخارج لكان اما نفس الجزئيات فى الخارج او جزء منها او خارجا عنها والأقسام باسرها باطلة اما الأول فلأنه لو كان عين الجزئيات يلزم ان يكون كل واحد من الجزئيات عين الاخر فى الخارج ضرورة ان كل واحد فرض منها عين الطبيعة الكلية وهى عين الجزئى الاخر وعين العين عين فيكون كل واحد فرض عين الأخر هف واما الثاني فلانه لو كان جزء منها فى الخارج لتقدم عليها فى الوجود ضرورة ان الجزء الخارجى ما لم يتحقق اولا وبالذات لم يتحقق الكل وحينئذ يكون مغايرا لها فى الوجود فلا يصح حمله عليها واما الثالث فبين الاستحالة وثانيهما ان الطبيعة الكلية لو وجدت فى الأعيان لكان الموجود فى الأعيان اما مجرد الطبيعة او هى مع امر اخر لا سبيل الى الأول والا لزم وجود الأمر الواحد بالشخص فى امكنة مختلفة واتصافه بصفات متضادة ومن الكلى اما قبل الكثرة وهو الصورة المعقولة فى المبدأ الفياض قبل وجود الجزئيات واما مع الكثرة وهو الذي فى ضمن الجزئيات واما بعده وهو المنتزع من الجزئيات فى الخارج بحذف المشخصات واعلم ان كل كلى من حيث هو كلى محمول بالطبع وكل جزئى اضافى من حيث هو كذلك موضوع بالطبع
البين بطلانه ولا الى الثاني والا لم يخلو من ان يكونا موجودين بوجود واحدا وبوجودين فان كانا موجودين بوجود واحد فذلك الوجود ان قام بكل واحد منهما يلزم قيام الشي ء الواحد بمحلين مختلفين وانه محال وان قام بالمجموع لم يكن كل منهما موجودا بل المجموع هو الموجود وان كانا موجودين بوجودين فلا يمكن حمل الطبيعة الكلية على المجموع هف فان قلت كون الحيوان مثلا موجودا ضرورى لا يمكن انكاره قلت الضرورى ان الحيوان موجود بمعنى ان ما صدق عليه الحيوان موجود واما ان الطبيعة الحيوانية موجودة فممنوع فضلا عن ان يكون ضروريا فان قلت اذا لم يكن فى الوجود الا الاشخاص فمن اين تحققت الكليات قلت العقل ينتزع عن الأشخاص صورا كلية مختلفة تارة عن ذواتها واخرى عن الاعراض المكتنفة بها بحسب استعدادات مختلفة واعتبارات شتى فليس لها وجود الا فى العقل وكانا اشرنا الى تفصيل ذلك فى رسالة تحقيق الكليات فلينظمها من اراد فى سلك المطالعة هذا هو الكلام فى الكلى الطبيعى واما وجود المنطقى فى الخارج فمتفرع على الإضافة ان قلنا بوجودها كان موجودا والا فلا والملازمة الأولى ظاهر الفساد لأن القائل بوجود الاضافة ليس قائلا بوجود جميع الإضافات واما العقلى فقد اختلف فى وجوده فى الخارج والنظر فيه غير موكول الى المنطقى فلئن قلت العقلى ايضا فرع الإضافة لأنه اذا كانت الإضافة موجودة يكون المنطقى موجودا والطبيعى موجود فيوجد العقلى اذ لا جزء له غيرهما والا كان معدوما لانتفاء جزئه فلا وجه لتخصيص التفريع بالمنطقى فالأولى حمل الاختلاف على الاختلاف الواقع فى وجوده الذهنى بناء على مسئلة الوجود فنقول اما وجه التخصيص فهو ان المختلفين فى وجود الكلى العقلى لم يفرعوه على الإضافى بل تمسكوا فيه بدلائل اخرى اما حمل الاختلاف على الذهنى فلا توجيه له اذ لا يختص به ولا بالكليات بل يعم سائر الأشياء قال الكلى اما قبل الكثرة وهو الصورة أقول هذا تقسم للكلى الطبيعى وتقريره ان يقال ان الكلى الطبيعى اما ان يكون معدوما فى الخارج وليس يتعلق به فايدة حكمية واما ان يكون موجودا فى الخارج ولا يخلو اما ان يعتبر فى وجوده العينى وهو الكلى مع الكثرة او فى وجوده العلمى ولا يخلو اما ان يكون وجوده العلمى من الجزئيات وهو الكلى بعد الكثرة او وجود الجزئيات منه وهو الكلى قيل الكثرة وفسره بالصورة المعقولة فى المبدأ الفياض قبل وجود الجزئيات كمن تعقل شيئا من الامور الصناعية ثم يجعله مصنوعا وما مع الكثرة بالطبيعة الموجودة فى ضمن الجزئيات
صفحة ٦٠