على ما تسمعه من ائمة الأصول والحق فى الجواب ان يقال لا نسلم ان الهيئة التركيبية جزء من اللفظ وانما تكون جزء لو كانت لفظا سلمناه لكن لا نسلم انه جزء معتبر فى التركيب فان المعتبر ما يكون له ترتب فى السمع على ما سيجي ء قال والتضمن والالتزام أقول يريد بيان النسب بين الدلالات الثلث باللزوم وعدمه وهى باعتبار مقايسة كل واحد منها الى الآخرين منحصرة فى ست فالتضمن والالتزام يستلزمان المطابقة لأنهما تابعان لها والتابع من حيث انه تابع لا يوجد بدون المتبوع وإنما قيد بحيثية التبعية احترازا عن التابع الأعم فانه ربما يوجد بدون المتبوع الاخص وهذا هو المسطور فى كتب القوم وانهم وان اصابوا فى الدعوى لكنهم مخطئون فى البيان اما اولا فلأن الأمر فى التبع بالعكس مما ذكروه ضرورة ان فهم الجزء سابق على فهم الكل فلئن قلت التضمن ليس عبارة عن فهم الجزء مطلقا بل هو فهم الجزء من اللفظ والسابق على فهم الكل من اللفظ اعنى المطابقة فهم الجزء مطلقا لا فهم الجزء من اللفظ فنقول ما لم يفهم الجزء من اللفظ اولا يمتنع فهم الكل منه والعلم به ضرورى وكذلك فى بعض اللوازم كما فى الأعدام والملكات واما ثانيا فلأن الكبرى ان قيدت بالحيثية لم يتكرر الوسط والا كانت جزئية واما ثالثا فلأنه لو صح البيان لاستلزم المطابقة التضمن والالتزام لأنها متبوعة والمتبوع من حيث انه متبوع لا يوجد بدون التابع وطريق بيان الدعوى ان التضمن دلالة اللفظ على جزء المسمى من حيث هو جزئه ولا ارتياب فى ان دلالته على جزء المسمى من حيث هو جزء لا يتحقق الا اذا دل على المسمى وكذلك دلالة اللفظ على الخارج من المسمى من حيث هو خارج لا يتحقق بدون دلالة اللفظ عليه او نقول انهما مستلزمان للوضع وهو مستلزم للمطابقة فيستلزمانها والمطابقة لا يستلزم التضمن لأنه قد يكون مسمى اللفظ بسيطا كالوحدة والنقطة فهو يدل عليه بالمطابقة ولا تضمن لانتفاء الجزء والالتزام لجواز ان لا يكون للمسمى لازم بين يلزم فهمه من فهم المسمى اى البين بمعنى الأخص وحينئذ يتحقق دلالة المطابقة بدون الالتزام لعدم شرطه وهذا انما يفيد عدم العلم بالاستلزام لا العلم بعدم الاستلزام والأولى ان يقال لو تحقق الاستلزام لكان كلما تعقلنا شيئا تعقلنا معه شيئا اخر لكنا نعلم بالضرورة انا نعقل كثيرا من الأشياء مع الذهول عن سائر اغياره وما قد سبق الى بعض الخواطر من انه يفضى ذلك الى تصور امور غير متناهية فلا يكاد يخفى ضعفه لجواز الانتهاء الى لازم يكون لازمه بعض ملزوماته بمرتبة او بمراتب اذ لا امتناع فى تحقق الملازمة الذهنية من الطرفين كما فى واطلاق اللفظ على مدلوله المطابقى بطريق الحقيقة وعلى الاخر بطريق المجاز
المتضائفين وذكر الإمام ان المطابقة يلزمها الالتزام لأن لكل ماهية لازما بينا واقله انها ليست غيرها والدال على الملزوم دال على لازمه البين بالالتزام اجاب بأن قوله كون المعنى ليس غيره لازم بين ان اراد به انه بين بالمعنى الاخص فممنوع اذ كثيرا ما نتصور شيئا ولا يخطر ببالنا غيره فضلا عن انه ليس غيره وان اراد به انه بين بالمعنى الأعم فمسلم لكن لا يفيد ان المعتبر فى دلالة الالتزام هو المعنى الاخص لا يقال ان اعتبر فى المعنى الاخص اللزوم الخارجى يبطل قولكم انه المعتبر فى الالتزام والا لم يكن اخص من المعنى الثاني الاعتبار اللزوم الخارجى فيه فان المعتبر فيه لو كان اللزوم الذهنى فان كان بالمعنى الأول كان العام عين الخاص وان كان بالمعنى الثاني لزم تعريف الشى ء بنفسه لانا نقول المعتبر فى المعنى الثاني مطلق اللزوم اعم من الذهنى والخارجى لا يقال اذا حصل لنا شعور بماهية فان لم تميز بينهما وبين غيرها فلا شعور بها لأن كل مشعور به موجود فى الذهن وكل موجود فى الذهن متميز عن غيره وان ميزنا بينهما فلا خفاء فى ان التميز يستلزم تصور الغير فلا اقل من ان يكون لنا شعور بمطلق الغير لانا نقول لا نسلم انا ان لم نميز بين الماهية وبين غيرها فلا شعور بها نعم انها متميزة عن غيرها فى نفسها لكن لا يستلزم ذلك علمنا بامتيازها عن غيرها والا لزم من كل تصور تصديق وليس كذلك واما التضمن والالتزام فلا تلازم بينهما لانفكاك التضمن عن الالتزام فى المركبات الغير الملزومة وانفكاكه عنه فى البسائط الملزومة وانما اهملهما المصنف لاتضاحهما مما ذكر فى المطابقة فلئن قيل اذا اطلق اللفظ الموضوع بازاء المعنى المركب يفهم الكل من حيث هو كل والجزء من حيث هو جزء واذا فهما من حيث هما كل وجزء يفهم التركيب بالضرورة وهو امر خارج عن المسمى فالتضمن يستلزم الالتزام فنقول هذه مغالطة من باب اشتباه العارض بالمعروض فان المنفهم هو ما صدق عليه الكل والجزء وذلك لا يستلزم فهم الكلية والجزئية المستلزم لفهم التركيب على ان فهم الكلية والجزئية لو كان لازما لكفى فى بيان المطلوب قال واطلاق اللفظ على مدلوله المطابقى بطريق الحقيقة وعلى الأخر بطريق المجاز اقول قد وقع فى كلام الإمام والكشى ان دلالة المطابقة هى الحقيقة والتضمن والالتزام مجازان ولا يستراب فى ان الدلالة ليست حقيقة ولا مجازا والا لزم اجتماع الحقيقة والمجاز عند اطلاق اللفظ بل اطلاق اللفظ على مدلوله المطابقى اى استعماله فيه بطريق الحقيقة لأنه استعمال فيما وضع له واطلاقه على مدلوله التضمنى او الالتزامى بطريق المجاز لانه استعمال فى غير ما وضع له وانما لم يقل حقيقة ومجاز
صفحة ٣٤